استمرت العديد من الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي يوم أمس في نشر الأخبار المتضاربة والمشبوهة رغم التحذير الذي أطلقه الكثير من الناشطين للتوقف عن نشر الأخبار قبل التثبت فيها، في محاولة لتهدئة الوضع بعد أن اتضح أن الموقع الاجتماعي أصبح أهم مصادر الفتنة والتحريض على العنف. عند منتصف نهار أمس، تم تداول صورة مذهلة عن الاستعدادات الأمنية في ساحة الباساج وسط العاصمة، وكتب ناشط شاب تعليقا على ذلك: «علي العريض لم يكن يمزح عندما قال إنه سيردع كل من يلتحق بالمسيرة»، وبالفعل، فقد امتثل الجميع أثناء صلاة الجمعة وبعدها لذلك، سواء تطبيقا لنداء حركة النهضة بالامتناع عن التظاهر أو خوفا من الحضور الأمني المذهل والذي بدا جاهزا «لإخماد أي حركة جماعية أو مفاجئة» كما كتب ناشط تجول في وسط العاصمة لمتابعة ما يحدث.
ومنذ صبيحة الأمس، انتشرت تعاليق تنتقد التيارات السلفية، كتب ناشطون محايدون كثر في الموقع أن السلفيين سواء كانوا مخترقين أو غير ذلك، تجاوزوا الخطوط الحمراء للدولة المدنية، وبعض أنصارهم في صفحات الموقع الاجتماعي لا يخفون عداءهم للدولة أصلا. قرأنا في صفحة محام وناشط حقوقي قديم: «سواء تم اختراقهم أو لم يتم، السلفيون بخروجهم للشارع ونداءاتهم بالانتقام من خصومهم هم المسؤولون عن الأزمة التي تعيشها البلاد»، وكتبت ناشطة من جامعة منوبة رسالة إلى السلفيين جاء فيها: «لمّا فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة هل أمر أصحابه بالحرق والتخريب والترويع ؟ أنتم لم تفتحوا تونس أصلا، لقد فتحها شباب لم يكن يحمل أي توجه سياسي أو عقائدي، وأنتم عدتم إليها من المنافي والسجون لتنعموا بالحرية أم لإحراق من فتحها؟».
ولحسن الحظ مرة أخرى، لم نقرأ أخبارا عن مواجهات أو توتر بسبب صلاة الجمعة أو مسألة المس من المقدسات، لكن تم تداول أخبار كثيرة عن مناوشات بين الأمن وبعض العناصر في الجنوب، ثم في سوسة حيث بدا الوضع هناك من خلال بعض المقالات المنشورة متوترا في ظل حملات أمنية واسعة، بالإضافة إلى أخبار أخرى غريبة مثل حجز كميات كبيرة من اللحى الاصطناعية أو زجاجات المولوتوف.
وحتى ما بعد زوال يوم أمس، بدا أن العديد من أنصار النهضة وحتى التيارات السلفية قد تفادت التظاهر أو أية حركة احتجاجية، سواء من باب الانضباط لما دعت إليه النهضة وأنصارها، أو خوفا من الاستعدادات الأمنية الاستثنائية التي تم اتخاذها يوم أمس. ورغم ذلك، فقد كان الهدوء مشوبا بالحذر، واستمرت التوقعات متشائمة بخصوص احتمال حدوث مواجهات وعنف بعد صلاة الجمعة خصوصا في ظل استمرار بعض الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي في نشر الأخبار المتضاربة التي لا يمكن فهمها إلا على أنها تحريض واضح من كل طرف ضد الآخر حتى أن باحثا في علم الاجتماع كتب في صفحته: «الظاهر أن «فايس بوك» تحول من حامل للثورة التونسية وللحريات إلى أداة لتخريبها». وفي نفس الاتجاه، نشر العديد من الزملاء نداء إلى كل الناشطين للتوقف عن نشر الأخبار دون التثبت فيها، وتفادي نشر أو تداول الأخبار التي تتهم طرفا سياسيا أو تتضمن تحريضا وشتائم، من أجل وقف التعاليق العدائية في الصفحات التونسية. أما آخر ما تم نشره، فهو مقطع فيديو لوقفة صغيرة أمام جامع الفتح بالعاصمة، نال فيها الإعلام نصيبه التقليدي من الهجوم، قبل أن تعلو شعارات «تحيا تونس».
كتب زميل معروف بطرافة تعاليقه في صفحته: «منذ مدة هددت بمحو أي صديق يتورط في نشر أخبار زائفة أو فيها شتائم وتحريض، ولما أردت تطبيق ذلك، اكتشفت أني سوف أفقد أغلب أصدقائي ومعارفي».