أعلن أمس الأمين العام لاتحاد الشغل عن المبادرة الوطنية للاتحاد والمتمثلة أساسا في إحداث مجلس وطني للحوار يجتمع دوريا ويشكل آداة فعالة في إدارة الخلافات والتوصل الى توافقات يسبقه عقد مؤتمر وطني جامع يدير هذا الحوار. استهل العباسي كلمة افتتاح الندوة الصحفية بالتأكيد على قيمة الاتحاد العام التونسي للشغل في الحياة السياسية منذ بروزه على الساحة الوطنية وصولا للمرحلة الحالية وخاصة فيما تشهده البلاد من صراعات وتجاذبات سياسية قائلا: «تونس تحتاج الى الحوار بين جميع مكوناتها لايصالها لبرّ الأمان، وهذه المبادرة طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل لاخراج البلاد من أزمتها الحالية».
ومن جهته أكد سمير الشفي أمين عام مساعد من خلال مداخلته على أن هذه المبادرة ستحمي بلادنا من كل الهزات التي تتعرض لها والتي تهدد كل القيم والمكاسب والانتصارات التي ضحى من أجلها الشباب.
ماذا قالوا...
عن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل قال شوقي الطبيب عميد المحامين: «تونس محتاجة لمبادرة توافق وحوار للخروج من حالة الفوضى ولعلّ فكرة بعث مجلس وطني يسبقه مؤتمر حواري هي خطوة ايجابية نحو حلول توافقية لجميع الأطراف للوصول الى برّ الأمان.
أما جوهر بن مبارك، رئيس شبكة دستورنا فقد أثنى على المبادرة واعتبر اتحاد الشغل قوة كبرى في البلاد وخطوته هذه تدل على حبه لتونس. كما طلب من مؤسستي رئاسة الجمهورية والمجلس التأسيسي التسامي على الأزمات لاخراج البلاد من أزمتها.
أما آمنة منيف، رئيسة حركة «كلنا تونس» فقد اعتبرت بأن هذه المبادرة هي همزة الوصل والحوار بين جميع فئات المجتمع، سواء من الحكومة وصولا الى كل الأحزاب والمجتمع المدني.
سؤال «الشروق»
إجابة منه عن سؤال «الشروق» حول عدم وجود أعضاء من الحكومة في الاعلان عن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل قال العباسي: «عندما فكرنا ببعث هذه المبادرة لم نرّكز على الموافقة من عدمها لبعض الأطراف. فنحن رأينا بأن هذه المبادرة أصبحت ضرورة قصوى خاصة من خلال الأحداث المتتالية في البلاد التي عجلت بخلق المبادرة ومن خلال لقائي برئيس الحكومة بارك هذه الخطوة والأيام القادمة ستوضح جميع الأمور. النص الكامل للمبادرة
انطلاقا من إيماننا بضرورة تكاتف الجهود من أجل تحقيق أهداف الثورة ومتابعة استحقاقاتها ومساهمة منّا في معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في ظرف دقيق يفرض مجابهة العديد من التحدّيات ونظرا لما يتسم به هذا الوضع من احتقان سياسي وغياب الحوار بين الفرقاء وتفعيلا للدّور المحوري لمكوّنات المجتمعين المدني والسياسي، وأمام غياب إطار للحوار والتوافق يساعد على تذليل الصعوبات وتقريب وجهات النظر والمساعدة على تامين المرحلة الانتقالية الثانية، وتجنّبا للمنزلقات التي تتهدّد بلادنا، فإنّ الاتحاد العام التونسي للشّغل من موقع مسؤوليته الوطنية ودوره التاريخي يدعو كلّ الأطراف، حكومة وأحزابا وجمعيات ومنظّمات إلى ضرورة عقد مؤتمر وطني جامع يدير حوارا حقيقيّا لصياغة توافقات كبرى تؤمّن إدارة المرحلة الانتقالية تكون على قاعدة المبادئ التالية وبعيدا عن كل التجاذبات: 1- التمسّك بمدنية الدولة وبالنظام الجمهوري الديمقراطي وبالمكاسب المجتمعية التي راكمها الشعب التونسي عبر السنين. 2- احترام حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة والفردية وتكريس المواطنة والعدالة للقطع مع الاستبداد منظومة وممارسة. 3- نبذ العنف بكل أشكاله واحترام الرأي المخالف وقبول الآخر والتصدّي لظاهرة الإرهاب ولكلّ الدعوات التي تغذّي العنف. 4- تحييد الإدارة والمساجد والمؤسسات الاقتصادية والتربوية والجامعية عن كل نشاط حزبي وضبط آلية لمراقبة ذلك. 5- اعتبار مؤسّسات الدولة وأجهزتها الضامن الوحيد والمسؤول عن تطبيق القانون وحماية المؤسّسات والممتلكات والمواطنين واحترام الحقوق والحريات. 6- صياغة منوال تنموي جديد للحدّ من الفوارق الاجتماعية والجهوية ولمجابهة الفقر وذلك بتدعيم الاستثمار ونشر ثقافة العمل والإنتاج. وتنحصر هذه التوافقات في: - التوافق حول ملف جرحى الثورة وعائلات الشهداء بعيدا عن التجاذبات وذلك بتكفّل الدولة بهذا الأمر مع تعزيز جهودها عبر المجهود الوطني. - التوافق حول سبل تكريس الشفافية في التشغيل والانتدابات للمعطلين عن العمل وإيجاد آليات انتقالية لتأمين حدّ أدنى من التغطية الصحية والاجتماعية لمن لم يشملهم الانتداب حفاظا على كرامتهم وحقهم في العيش الكريم. - التوافق حول روزنامة زمنية تتعلّق بتحديد تاريخ نهاية صياغة الدستور الجديد من قبل المجلس التأسيسي وتحديد رسمي لتاريخ الانتخابات العامّة القادمة. - التوافق حول تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بما يضمن استقلاليتها وحياديتها وديمومتها وكذلك حول القانون الانتخابي. - التوافق حول تركيبة الهيئة العليا المستقلة للإعلام. - التوافق حول تركيبة الهيئة الوقتية للقضاء بما يكرّس استقلاليته. - التوافق حول تركيبة لجنة تقصّي الحقائق حول الرشوة والفساد وكذلك بالنسبة للجنة المصادرة. - التوافق حول إرساء منظومة العدالة الانتقالية القائمة على المحاسبة ثم المصالحة. - التوافق حول ضبط آلية للتعيينات الإدارية وإسناد الخطط الوظيفية الكبرى تكرّس حياد الإدارة وديمومة المرفق العام وعدم تحزّبها ،وكذلك الأمر بالنسبة للنيابات الخصوصية في البلديات. - التوافق حول إصلاحات عاجلة للمنظومة البنكية والمصرفية بما يساعد على تشجيع الاستثمار وخلق مواطن الشغل. - التوافق على إصلاح المنظومة الأمنية وإعادة هيكلتها بما يكرس مفهوم الأمن الجمهوري وإعادة الاعتبار لدوره في إشاعة الأمن وحماية أعوانه عند أداء مهامهم ومراجعة وضعهم الاجتماعي.
إنّ الحوار حول هذه المسائل وصياغة توافقات وطنية حولها يدخل في صميم تعميق الوحدة الوطنية وحماية الانتقال الديمقراطي والإدارة الجماعية للمرحلة الانتقالية، وهو ما يتطلّب ضبط آليات وهياكل ونقترح في هذا الباب: إحداث مجلس وطني للحوار يجتمع دوريا ويشكّل أداة فعّالة في إدارة الخلافات والتوصل إلى توافقات. مع التأكيد على أن أطر الحوار والتوافق هذه لا تمثّل إلا قوة اقتراح ولا تعوض في شيء السلط الدستورية والشرعية القائمة التي تبقى وحدها صاحبة اتخاذ القرار.