أكد محمد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية لدى اشرافه مساء أول أمس على ندوة فكرية بعنوان «تونس الى اين؟» على ان المقاربة الصحيحة لرفع التحديات الوطنية تنطلق من التشخيص الموضوعي للواقع بعيدا عن المصالح الضيقة. وأقر المرزوقي في هذا الصدد بأن البلاد تعيش فعلا ازمة متعددة الاوجه نلاحظ انعكاساتها في واقع الاحزاب والمؤسسات الاعلامية والامنية والقضائية والتربوية وغيرها وكما ان لهذه الازمة ابعادا نفسية لدى المواطن لكن الاهم حسب المرزوقي اننا انتقلنا من ازمات تخريب وتدمير عرفت ممارسة الظلم بالقانون ومختلف مظاهر تفكك المؤسسة واستشراء الفساد وانعدام القيم المهنية في عهد النظام السابق الى ازمة مخاض ايجابي حاليا معتبرا اياها ازمة خلق وابداع في اطارها تعزز معارك بناء المؤسسات .
وأشار المرزوقي الى انه رغم كل التجاذبات التي نعيشها فان الشعب بصدد التحكم في قواه الداخلية وكشفت اكثر من حادثة ان المجتمع يقظ وله ردود فعل ايجابية قادرة على ايقاف «الماكينة السلبية» على حد تعبيره وفي سياق متصل اكد المرزوقي ان التونسيين يتطلعون الى نظام سياسي يقطع مع الاستقطاب الثنائي ويدعم السلم الاجتماعية ولم الشمل في اطار التحاور حول خيارات اقتصادية وسياسية واضحة تعكس النضج المجتمعي وتؤسس للوفاق الوطني. من جانب اخر وفي سياق حديثه عن التحديات التنموية اكد المرزوقي ان طريقنا هو مغالبة الفقر ومحاربة التهميش والتقدم نحو بعث المشاريع الكبر ى ذات القيمة التشغيلية وقدم في المجال التنموي جملة من الافكار التي عبر عن انتصاره لها منها الدعوة الى اكتتاب وطني واكتتاب خاص بمهاجرينا في شكل وديعة وطنية لكل عمالنا بالخارج مع تسريع نسق متابعة الاموال المنهوبة وارجاعها لتستفيد منها المجموعة الوطنية.
ودافع المرزوقي بشدة في مقارباته التنموية عن رصد 20٪ من عائدات الفسفاط لتنمية جهة قفصة موضحا انه من حق كل الجهات المنتجة للثروات في كل ربوع البلاد ان تستفيد بجانب من هذه الثروات لدفع الاستثمار والتشغيل وشتى مجالات التنمية بها سواء اكان ذلك بقفصة حيث الفسفاط او بتطاوين حيث البترول او بالشمال الغربي حيث الثروات الفلاحية والمائية. ودعا المرزوقي الى التوجه نحو اصلاح زراعي تعاد بمقتضاه عملية توزيع الاراضي الدولية لاستثمارها كما شدد على ايجاد صيغ شفافة لحل اشكاليات الاراضي الاشتراكية بالجنوب خاصة كما اهتم المرزوقي بموضوع ادراج العائلات المعوزة ضمن صندوق للتقاعد لإخراجها من دائرة التهميش واكد على ايجاد حلول لمسالة التمليك والاهتمام ببرامج المشاريع الصغرى والمتوسطة
وفي مستوى اخر من مداخلته دافع المرزوقي عن حكومة «الترويكا» مقدرا نسق عملها رغم نقائصه مشيرا الى انه مخطئ كل من يحاسب حكومة بعد 5 اشهر من توليها المسؤولية مشيرا الى ان عديد الابواب ستفتح امام تونس بالعودة الى الفضاء المغاربي معتبرا ان القمة المغاربية التي من المنتظر ان تحتضنها تونس في اكتوبر القادم من شانها ان تدعم التعاون بين الاشقاء المغاربة وانتهى المرزوقي في ختام مداخلته الى التأكيد على ان بلادنا متماسكة وقوية معبرا عن تفاؤله بالمستقبل داعيا الى العمل والتسلح بالصبر لمواجهة التحديات.
تفاعل عدد من الحاضرين مع كلمة د.المرزوقي حيث ابرز السيد عمار عمروسية عن حزب العمال الشيوعي التونسي ان الزيارة كانت شبه فجئية بحيث لم يعلن عنها مسبقا وتساءل عن اسباب ذلك مضيفا ان تونس الآن في حاجة الى الحرية التي باتت مهددة من جماعات داخلية وخارجية وطالب الدكتور المرزوقي بان ينظر الى قفصة لا بعين الطبيب فقط بل بعين الطبيب والحقوقي والشجاع والسياسي لحل مشكلات الجهة .
بينما ركز السيد فتحي عبد اللاوي (فلاح) على القطاع الفلاحي وطالب بإلغاء جميع ديون الفلاحين الصغار وتعبيد المسالك الفلاحية وكهربة الابار بالضغط العالي وبعث وحدة للصناعات التحويلية خاصة بالطماطم وتسهيل القروض والتخفيض في نسب الفوائض وحل مشاكل الاراضي الاشتراكية.
فيما تساءل احد المتدخلين عن سر غياب العلم في كامل ارجاء القاعة
اما الشابة حنان من اصحاب الشهائد المعطلين عن العمل فقد تحدثت عن غياب الشفافية في الانتداب وطالبت بمنحة بطالة قارة الى حين الحصول على شغل مع بطاقة علاج وشاطرها الراي الشاب عبد القادر الذي طالب بإدماج المعطلين في المشاريع الصغرى.
بينما اهتمت بقية المداخلات بسبل النهوض بالجهة مثل المطالبة ببعث بنك استثماري في كافة المعتمديات تموله شركة الفسفاط وتخصيص 20 % من مداخيل المجمع الكيميائي وشركة الفسفاط لتنمية الجهة بالإضافة الى المطالبة بتفعيل دور رجل الامن لاستعادة الاستقرار بالجهة وتساءل احد المتدخلين عن سر تعطيل بعث معمل الاسمنت بالعمايم .بالإضافة الى اهمال المعالم الاثرية الرمزية في قفصة مثل وادي الباي . بينما تساءل البعض عن امكانية بعث كلية طب ومستشفى جامعي وبناء مقر للمعهد العالي للرياضة والتربية البدنية والتدخل لفائدة الطلبة المطرودين منه .هذا بالإضافة الى عديد المداخلات ذات الصبغة الشخصية التي تناول فيها اصحابها مشاغل ذاتية تتعلق بالعمل واسترداد حقوق والمنافع الاجتماعية والحصول على اعانات .