تكاملت في ولاية بنزرت جميع العناصر الطبيعية، حيث تلاحمت الغابات بالبحار، وعبرتها الأنهر والشلالات وتوجتها الجبال مصورة في طريقها رسوما بديعة في الجمال وزينها تاريخها الحافل بتفاصيل عديدة خلفت وراءها كنوزا منها الظاهر ومنها الدفين. لكن رغم هذا المناخ الملائم، من امتداد للسهول وطول السواحل, ما تزال بنزرت تعاني من فراغ سياحي ما عدى قلة من الوفود الداخلية وشغور في قطاع انبنت عليه الآمال في الفترة الأخيرة ،فالمشاريع المرسومة في المخططات القريبة منها والبعيدة تعكس طموحات عالية تغير الجهة وتحيلها الى قطب سياحي فاخر وزاخر ،يخلق مواطن عمل جديدة وينعش الدورة الاقتصادية. للاطمئنان علي الموسم السياحي القادم انتقلنا الى الاطراف الفاعلة والمعنية بالقطاع لسؤالها عن الاستعدادات والانطباعات الاولية عن هذا الموسم فكان لنا هذا التحقيق الذي اتفقت فيه جميع الاطراف على ان القطاع ضعيف ومتدن في الجهة بالرغم من المكاسب الطبيعية والتاريخية والجمالية الفنية التي يمكن ان تحول الجهة الى وجهة أولى عالميا.
يعتبر السيد سهيل بن حمدة (المندوب الجهوي للسياحة ببنزرتباجة) ان نقائص القطاع تتلخص في عدم وجود تكامل وتعاون بين الاطراف والعناصر المسؤولة عن القطاع, اما بالنسبة للاستعدادات الحالية فالمندوبية تقوم بحملة تنظيف للشواطئ بالتعاون مع البلدية مع العلم بان الاعتمادات الخاصة بالغرض والخاصة بالمندوبية تحولت الى وزارة البيئة للقيام بذلك وهو ما تم بعد انعقاد لجنة بقيادة الوالي.
كما صرح محدثنا ان وزارة السياحة تقوم بدور هام بالتسويق للبلاد التونسية، كما تعمل المندوبية على تطوير هذه السبل من خلال التعامل مع الجمعيات والعمل على مواكبة التطورات ومن هذه المناسبات القادمة في القريب «مهرجان الربيع بإشكل» الذي يمثل فرصة مهمة للتواصل مع السياح الاجانب من خلال المشاركة في معرض برلين بالمانيا والتعريف بالبلاد,وتنظيم المعرض المتوسطي للسياحة بقصر المعارض بالكرم وذلك في ماي القادم وتعريفهم بالجهة من خلال الجولات المرافقة بدليل سياحي يعرف بخاصيات الولاية ويروي تفاصيل تاريخها المنير,مع استعراض اكلاتها وصناعاتها التقليدية الخاصة مشددا على ان الاحصائيات تعلن عن ارتفاع في منسوب الليالي المقضاة ب11% وعدد الوافدين ب21% في السنة الحالية بالمقارنة مع سنة 2010 غير ان هذه النسب تبقى ضعيفة بما انها لا تستغل في اقصي الحالات سوي 18% من الاسرة المتاحة سنويا فيما تصل بعض المناطق الأخرى الى نسب تناهز 60% واسباب ذلك اصبحت معلومة ولابد من معالجتها في اقرب الآجال, وافاد السيد سهيل ان السياحة المطلوبة والرائجة حاليا هي «سياحة المواطنة» معتبرا ان فخامة النزل وانعزالها استراتيجية خاطئة انطلق تعويضها بمنشآت تنقل واقع التونسي الى النزل ومن هذا نذكر «دار القصبة»، «دار فريسة» براس الجبل هنشير الذهب بالعالية. وصرّح زبير بوثور (مستشار باحد النزل من فئة 4 نجوم) ان نزله لم ينجح في تحقيق معادلة استقطاب الاجانب والمحليين من السياح خاصة مع فقر التهيئة الاساسية للمنطقة وغياب المكونات المكملة للسياحة من سبل ترفيه ومراكز الاستجمام، فاستغنى عن ذلك وتوجه الى فئة الشركات الكبري ورجال الاعمال، كما اعتبر ان الجهة الامنية لا تقدم التعاون الكامل ففي بعض الاوقات تكون اما غائبة أو متأخرة واعتبر ان سلسلة الخدمات المترابطة من المطار الى النزل والشارع لابد ان تكون من طراز عال لانجاح التجربة السياحية كما طالب ابناء الجهة بالعمل على النهوض بالمدينة في صيانتها وتطويرها والتعريف بجماليتها وثرائها. صاحب وكالة اسفار السيد لطفي الملياني يقول انه يحاول شخصيا ان يسوق لبنزرت ولكن ذلك غاية لا تدرك خاصة مع تواضع الخدمات في بعض النزل والغلاء المشط في اسعار الفنادق الاخري مع انها كلها تفتقر للمناسبات والانشطة الترفيهية فتصف النزل بديار الاشباح لرتابتها وركودها,يحاول السيد لطفي خلق تشجيعات من قبيل التحول الى اسواق خارجية جديدة مثل هولاندا, سويسرا, وغيرهما مع التوجه الي البلاد القريبة مثل ليبيا والجزائر...كما تنظم وكالته نزهات خاصة في مناطق جميلة وغير معتادة مثال: رأس أنجلة, عين غلال, الرمال..
واعتبر السيد مراد الشماخي صاحب محل لبيع التحف والصناعات التقليدية ان الاستعدادات للموسم القادم ضعيفة ان لم تكن معدومة فهو الذي اقر بتراجع حركية السوق وغياب السياحة رادا ذلك لتهميش الجهة وترتيبها بعد مناطق اخرى تستحوذ علي المشاريع الكبري والاستثمارات المهمة معولا على مشروع «المارينا بنزرت 3000» ومشروع عين داموس في بعث الحركية وتطوير نوعية السياحة من موسمية الى مستمرة ومن كمية الى نوعية. وتبقى السياحة البيئية أو البيولوجية من اهم الخطط التي تتطلب بعض التركيز والاهتمام لاستثمار مكتسبات الجهة وثرواتها وهو ما يبدو مهملا حسب السيد فتحي جبالية احد اعضاء نادي انشطة الغوص ببنزرت والمتحدث عنه وهو من اعتبر ان المناطق البيئية في بنزرت هي مناطق معزولة وغير مهيأة كما اشار الى ان كاب عباد،واد زيتون،الرمال، وكاب حمام.. هي مشاريع جيدة لوحدات سياحية صغري تمتع زائريها بجمالها الخلاب وتسد رمق وضيق متساكنيها.