لم يعد فصل الصيف رحمة «للزوالي» كما كان متعارفا عليه في الماضي...بل لا ملاذ للفقير خلال هذه الصائقة سوى «الدلاع»و «المراوح اليدوية» هذا ما يمكن استنتاجه بعد الإطلاع على قائمة الشواطئ غير الصالحة للسباحة والتي تمركزت كلها في الشواطئ الشعبية التي ترتادها الفئة المتوسطة والفقيرة من التونسيين الذين لا يملكون سيارات لإرتياد الشواطئ البعيدة. المكيفات بدورها أسعارها مرتفعة لا تقل عموما عن 500 دينار فهل حكم على الفقراء هذا العام بتحمل ارتفاع درجات الحرارة و«الناموس» دون أسلحة تذكر ماعدا «الدلاع» و«المراوح»؟!
10 نقاط غير صالحة
اتصلنا بمدير المراقبة الصحية السيد محمد الرابحي الذي ذكر لنا أنه تم رصد 10 نقاط غير صالحة للسباحة هذا العام 70 ٪ منها متركزة بولايتي أريانة وبن عروس كل هذه البحار يرتادها أصحاب الدخل المتواضع سواء في الحافلات أو التاكسي الجماعي بأسعار معقولة فما هو مصير هذه العائلات هذا العام؟
ولاية بن عروس تضم وحدها 4 نقاط غير صالحة للسباحة وهي قبالة الحماية المدنية و 100 م شمال مصب وادي مليان ببن عروس ونقطتين بالزهراء 100 م جنوب مصب وادي مليان ومصب وادي معيزات. وتضم ولاية أريانة 3 نقاط اثنتان منها برواد وهي حي الحكام وقنال الخليج والنقطة الثالثة 500 شمال قنال الخليج الحسيان.
3 نقاط
أما النقاط الثلاث المتبقية والمعلنة وفق التحاليل المنجزة على أنها شواطئ غير صالحة للسباحة فهي مرفأ الصيادين بمنزل عبد الرحمان بولاية بنزرت وقائد السواسي بوادي الحلوف سوسة والسوق القبلي 2 بميدون جربة وكلها شواطئ بدورها ترتادها الفئات الضعيفة من مجتمعنا.
الرصيف هو الملاذ
تحدثنا إلى عدد من العائلات ضعيفة الدخل عن برامجهم خلال هذه الصائفة فذكرت السيدة منية وهي أم لخمسة أطفال أن منزلها لا يطاق في الصيف ذلك أن مساحته صغيرة وسقفه غير مرتفع كما أن هجوم «الناموس» يجعل العائلة تغلق النوافذ والحل الوحيد هو «المروحة» الكهربائية واليدوية فحتى إن لم تساهم في تلطيف الجو فإنها قادرة على طرد« الناموس». ولاحظت محدثتنا أنها تخاف دخول فصل الصيف لأن أبناءها يطالبونها ب«الخلاعة» أو «التبحير» وهي لا تجد لنفقات هذه الأخيرة حيلة.
جارتها نورة ذكرت أن ابنها متفوق في الدراسة لذلك «تداينت» لتتمكن من نقله إلى بحر رواد ولا يهمها إذا كان صالحا للسباحة أم لا المهم أن به ماء يسبح به ابنها حتى إن كان ملوثا وعلى خلافها تذكر السيدة فوزية أنها تقضي سهراتها مع أبنائها أمام منزلها تفترش الرصيف لكن رصيفها لا يحمل نسمات البحر كما هو حال متساكني حلق الوادي والمرسى والمناطق المتاخمة للبحر فهي أصيلة حي النسيم بالمنصورة التابعة لولاية أريانة لكن النسيم الذي تستنشقه مفعم ب«الناموس» ورائحة النفايات والحرائق التي يشعلها المتساكنون هنا وهناك لطرد «الناموس»...عدد من العائلات التي تحدثنا إليها ذكرت لنا أن الأبناء يخلقون ضغطا كبيرا للعائلات للتمتع بالبحر خلال الصيف وهم لا يهتمون لإمكانيات الوالدين ولا إلى مدى صلوحية الشواطئ للسباحة من عدمه.