السؤال المطروح منذ زمن هل تنخرط مدينة صفاقس في المنظومة السياحية الوطنيّة؟ وهل تكون لها مقوّمات ذلك؟ وكيف تتمّ عمليّة تدراك تأخّر تقدّم القطاع السياحي عن بقيّة تقدّم القطاعات الأخرى في هذه المدينة؟. الجواب عن هذا السؤال واضح وصريح بعد أن تمّت في السنوات الأخيرة إزالة معمل NPK وعلى أن يليه تجسيم قرار نقلة وإزالة معمل السياب بالمدخل الجنوبي لمدينة صفاقس الكائن بطريق قابس وجهر محيطه من أكوام مادّة الفوسفوجيبس مع ضرورة استغلال مشروع تبرورة وفق مخطط مديري للتهيئة العمرانية تراعي خصوصيات الجهة. والواقع أن أسباب عدم تطوّر السياحة بصفاقس يعود أساسا إلى التلوّث الهوائي والبحري وإلى الإفرازات الصناعيّة الملوّثة للمحيط، وبالرغم من محاولة عدد قليل من أبناء صفاقس المغامرة والاستثمار في القطاع السياحي إلاّ أن محاولاتهم لم تساعد على تقدّمه وتطوّره لاختلال التوازن بين كلّ المجهودات الرامية إلى دفع عجلة السياحة بصفاقس والناجمة أساسا عن تجاذبات في الأفكار والعقليّات وتمسكّ الكثير بالعقليّة الصناعيّة. عدم تطوّر السياحة بصفاقس يعود كذلك إلى قلّة فضاءات الترفيه والتنشيط وما تستوجبه من متطلّبات ووسائل كالملاهي والمنتزهات ولقد نجم عن الوضع السياحي الحالي ركود تجاريّ في سلع الصناعات التقليديّة في مدينة صفاقس وغاب الباعة المتجوّلون في شوارعها وتوقّف المشهد السياحي تبعا للنقص المسجّل في عدد السوّاح الوافدين على البلاد وتغيّبت بذلك القوافل السياحيّة العابرة لمدينة صفاقس القاصدة مناطق الجنوب التونسي قابس شنني مطماطةقبليدوزجرجيس جربة وتطاوين أو العائدة منها. ويأمل المهتمون بالشأن الاقتصادي في استفاقة سياحيّة لصفاقس في السنوات القادمة بعد أن أنجز مشروع تبرورة العمراني الهام ويرون في نقلة معمل السياب خارج المدينة أحسن وأفضل دعم للسياحة مستقبلا في في الجهة إلى جانب حسن استغلال الميناء الترفيهي بشطّ القراقنة وتوظيفه حسب أهداف وأغراض بعثه ليتحرّك ذلك الجسر المتحرّك الّذي لم يتحرّك. كما تحتّم الاستفاقة السياحيّة المنتظرة لمدينة صفاقس تضافر كلّ الجهود بالقضاء على مصبات الفواضل المنزليّة الّتي حوّلت أكثر من شارع ونهج إلى وكر للأوساخ بمياه راكدة ملوّثة وروائح كريهة إلى جانب تدخّل عاجل لانقاذ حوض الميناء الترفيهي بشطّ القراقنة وجهر قاعه حتّى لا يكون مستنقعا آخر تلقى به الفواضل وما تأتي به أمواج البحر من الميناء الصناعي المجاور له. ويعتقد رجال الأعمال من أبناء صفاقس أنّ السياحة قطاع استراتيجي بهاته الجهة يتطلّب جهود الجميع من مستثمرين وبلديّات ومصالح بيئيّة وصناعيّة وسياحيّة وفلاحيّة يتطلّب ويحتّم نجاعة التدخّل ونكران الذات والحدّ من نزيف المسّ والاعتداء على المعالم الحضاريّة والأثريّة الّتي اقترن اسم صفاقس بها كسور باب الجبلي وباب الغربي مع المحافظة على الطابع المعماري لأسواقها ولأزقّتها وأنهجها الّتي باتت مهدّدة بطمس الشخصيّة والاعتداء على الذات ويؤكّد المختصّون أنّ صفاقس لا تقلّ قيمة سياحيّة إذا تمّ استغلال كلّ المقوّمات المتوفّرة بهاته الربوع والمرتبطة أساسا بالمحافظة على التراث والبيئة.