زرناها مؤخرا دون إعداد مسبق مثلما كان يحدث سابقا حيث لا تجد الا النزر القليل من الاهالي الذين يطبلون ويهللون عند رؤيتك لهم فتقتنع ان الامور هناك على أحسن ما يرام هي منطقة جومين المحرومة حيث عانق الفقر التهميش وغابت التنمية. هذه المرة كانت الزيارة عادية، رافقنا خلالها والي بنزرت السيد نبيل نصيري وثلة من المديرين الجهويين لأغلب مناطق المعتمدية منها مناطق حملنا اليها معتمد المكان بعفويته ومسؤوليته ومنها من دعانا اليها اهلها ممن صادفناهم في الطريق فكانت الاستجابة من والي بنزرت وكافة المرافقين، زيارة اكدت لنا يومها ان متساكني مثل تلك المناطق هم بالفعل مناضلون، فسكان واهالي جومين مناضلون لانهم صبروا ولازالوا على العيش في تلك الظروف، ومناضلون لانهم لم يرموا المنديل مثل البعض واغلقوا الجهة واضربوا عن العمل والاجتهاد في كسر حواجز الحرمان وتحويل مظاهر التخلف المنتشرة في كل شبر منها الى علامات قوة بفضل شبابها وبعض من ابنائها ولن اقول الكل لانني عاينت يومها كيف ان البعض الاخر لازال يعيش في زمن غير زمن الثورة من خلال سيطرة عقلية التواكل واللامبالاة على شخصيته .
فقر.. وانعدام البنية الأساسية
الزيارة الميدانية لم تكن مسطرة على مستوى الفقرات مسبقا بل كانت عفوية ودون تنظيم لذلك شاهدنا ووالي بنزرت جهة ومواطنين يعيشون في ادنى مرتبة من سلم العيش الكريم ان صح الوصف فالفقر منتشر هنا وهناك على مساحة كيلومترات ولاداعي لأن تسأل جميع الاهالي هناك لتتعرف على مطالبهم الملحة الآنية والعاجلة وأيضا الآجلة ومع ذلك رصدنا حرصا من والي بنزرت على الوقوف على كل كبيرة وصغيرة والحديث مع الجميع شبابا وكهولا وشيوخا وحتى صغارا من الذكور والاناث، جميعهم تحدثوا بحماس و«بالقلب» مثلما يقال عن حجم معاناتهم اليومية ودرك العيش من كثرة الاهمال وانتشار البطالة والبنية الاساسية المهترئة، عفوا، غير الموجودة اصلا في كثير من مناطقها والمشاكل العقارية وشح منابع المياه التي هي مصدر للحياة وصعوبة الحصول عليه، مطالب قد تكون عادية وليست ذات بال عند هؤلاء المعتصمين يوميا امام مقرات المصانع والادارات والمحاكم والمجلس التأسيسي والولاية وغيرها من الاماكن وهذا عادي فهم لا يقطعون الكيلومتر تلو الاخر للحصول على بعض الماء للشرب والاغتسال ولايقطعون نفس المسافة للحصول على رغيف خبز ولا نفس المسافة للذهاب الى المدرسة والمستوصف الذي لا يملك من صفات محل التمريض الا الاسم مثلما يفعل ويعيش اهالينا في جومين.
استجابة الوالي
ومع هذا الواقع المرير وحماس المواطنين والاهالي في عرض مشاغلهم لم اشعر صراحة من هؤلاء عدم احترام للبلاد والسلطة والمسؤولين ومحاولة تعجيزهم ولكن رصدت كلاما ومواقف قنوعة ومسؤولة وتلك هي شيم اهلنا في جومين فهم لايطلبون المستحيل ولكن هم يريدون وعد صدق في ان عهود التهميش واللامبالاة لن تعود وان مطالبهم ستتحقق ولو على عشرات السنين لأنهم متمسكون بأرضهم ومنطقتهم واكثر من ذلك متحدون جميعا لطرد الفقر والخصاصة منها،..مواقف تجعل من عاش الزيارة يتأكد ان بلادنا ستبقى دائما ولادة للرجال والنساء الوطنيين، فكان التجاوب من والي بنزرت مع كل تلك المطالب المشروعة موصيا جميع المشرفين على كل القطاعات الفنية بسرعة الانجاز وادراج كل المشاغل المعروضة التي لم تكن مبرمجة في بقية المخططات بل واكثر من ذلك كم تأثر لدى النزول الى كوخ عم يوسف، نعم عم يوسف صاحب العائلة يعيش سنة 2012 في كوخ وكأنه في زمن العصور الحجرية كم لمسنا الاستعداد الجهوي لانجاز مجمع اداري بالمنطقة متى توفر الفضاء الملائم من اجل تقريب الخدمات للمواطنين وتعهد مركز الحرس هناك وتعهد مدرسة السمان على مستوى السياج والارضية بالتعاون مع الوزارة ودراسة امكانية توفير الماء لعدد من العائلات بمنطقة المناورية، كما اطلعنا على حال جامع الطواجنية فهذا البيت من بيوت الله مع الاسف وضعه وحاله يقشعر لهما البدن، كل ذلك وأهل تلك المنطقة صامتون ولم يحركوا ساكنا ولو بمبادرة فردية لتقليع الاعشاب الطفيلية والاستنجاد بالسلط المعنية مخيرين الاعتماد على عقلية المطلبية عوض القيام بمبادرة تطوعية مع اهل المنطقة وغيرها وهو ما اعترف به كل من تحادثت معهم هناك وكيف من غير المعقول عدم الحديث عن الامر من اجل تهيئة بيت الله مثلما يكون المقام، وهو موضوع اكد لي شخصيا ان الفقر في هذه المنطقة ايضا لم يكن ظالما بل وجد في عقلية اهلها او البعض منهم ارضية خصبة للتوالد والانتشار، ولو ان مجموعة الشباب ال21 الذين وجدناهم في دار الثقافة بصدد تلقي تكوينا في مجال كيفية بعث المؤسسات والانتصاب للحساب الخاص ضمن مشروع التنمية المندمجة الذي اقرته الدولة للمنطقة مؤخرا باعتمادات تفوق 5 م د قد انسوني بعض الالم التي تركته في هذه الحادثة وكذلك انتهاء بناء صرح تربوي هام بالجهة وهو المعهد الثانوي بالسمان باعتمادات ناهزت 2.2 م د وقرب انجاز نواة منطقة صناعية بمنطقة اولاد مبارك بعمادة الشنانة الذي سيشغل حوالي 100 فرد في انتظار المنطقة الصناعية الكبرى الموعودة بصمادح متى توفرت المقومات المطلوبة.
مشاريع تنموية
ويذكر ان الدولة والى جانب مشروع التنمية المندمجة 5.2 م د وبقية المشاريع الاخرى التي بصدد الانجاز قد اقرت لجومين ضمن ميزانية الدولة للسنة الجارية عدد مشاريع منها تعهد شبكة الماء الصالح للشرب بالجبابرة ب150أ.د مشروع التنمية الفلاحية ب30م.د وتعهد مسالك الحمرونية بازينة الزاوية الثوامرية والنمشاوية ومدرستها وصيانة منشأة على وادي الطويل وتهيئة الطريق الجهوية 64 وسد الثغرات على الطريق الرابطة بين الوطنية 11 وحدود ولاية باجة وصيانة منشأة على وادي الوصيف ومسلك تاهنت المحروق وانجاز المدرسة الاعدادية بجومين ب300أ.د وتمويل دراسة انجاز دار للشباب ب50أ.د واحداث نادي اطفال ب300أ.د بعث مكتبة عمومية ب500أ.د وتوفير الماء بهارون ب400أ.د وتحويل مركز الصحة الاساسية الى مستشفى محلي ب1م.د وتخصيص 220أ.د لتعهد وتطوير مركز الصحة وغيرها من المنجزات.