هل أن معتمدية جومين خارج حسابات المسؤولين؟ أم أنها خارج دائرة التنمية؟ أليس من الأحرى ايلاؤها نصيبا من البرامج التنموية أم أن قدر أهلها أن يكتفوا بالعيش تحت أكواخ القش والقصدير؟تلك هي تساؤلات الأهالي التي ظلت هي الأخرى دون إجابة؟ المنطقة في حاجة أكيدة الى تزويدها بالماء الصالح للشراب اضافة الى ذلك، فإن أغلب أطفال هذا الدوّار يشتغلون بالرعي فمأساتهم كبيرة في ظل التهميش والفقر المدقع ولا مبالاة المسؤولين. ولعل أول ما يعكس العزلة للزائر أن ذبذبات الهاتف النقّال لا أثر لها، فالطريق إلى جومين لا يوحي لك لأول وهلة بأنك بصدد التوغل في عمق تاريخ المنطقة، فكلما تقدمت خطوة إلى الأمام تحس بشيء في نفسك يحرّضك على المزيد من الخطوات لكشف أسرار هذا الدوّار المعزول عن العالم تعيش معتمدية جومين منذ عقود على صفيح ساخن، فاغلب الاهالي يسكنون «البرارك» والاكواخ في مناطق قاحلة على غرار سيدي البشير وتاهنت ولاحظ كل من محمد وابراهيم والهادي انه رغم قساوة الطبيعة فان تناسي المسؤولين المحليين والجهويين وسلطة الاشراف لهذه المناطق عمق الشعور بالإحباط وتنامي الفقر، فكل ما يتمناه المواطن هو ايجاد مسكن لائق يؤمن له ولعائلته حياة كريمة; وفي الاطار ذاته اكد الطفل رياض انه يحس بالبرد القارس في الليل نتيجة دخول الهواء الى كوخهم مع عدم توفر الاغطية اللازمة وهو ما يؤثر في حياته اليومية وخاصة الدراسة. في ذلك الثلث الخالي، فقد الأطفال براءتهم وهم مجبرون على أن يكونوا رجالا فوق العادة، لا يحق لهم العيش بسلام مثل أقرانهم في مناطق أخرى، خاصة أنهم يقطنون داخل بيوت هشة في قرية مترامية الأطراف فالصورة التي تقابلك خلال زيارة جومين، تحت الشمس الحارقة هي صورة لمدرسة ابتدائية تحوّلت مع مرور الزمن إلى خربة آيلة للسقوط، جدرانها مشققة، داخلها تلاميذ يكتمون غيضهم على الحكومة لأن أقسامهم تفتقر لأدنى شروط العلم والتعلم. بعيون حزينة وقلوب منكسرة، استقبلنا هؤلاء التلاميذ سفيان وحليمة ونورة ... وهم على دراية تامة بأننا سننقل انشغالاتهم إلى سلطة الاشراف فالاطفال هنا لايطلبون اماكن للتسلية بل مطالبهم هو العيش الكريم والتعليم المريح ومسكن محترم.
أما الصدمة الكبرى التي أربكتنا هو ذلك المنظر المزري لاطفال، «أترابهم في مناطق اخرى يستعملون الانترنات ويتنزهون بمدينة الالعاب ويتسلون بدور الثقافة»، يحملون الاواني لجلب الماء وبسؤالنا لاحدى الفتيات اشارت الى المكان الذي يتزودون منه بالماء وهو مكان يمثل خطورة كبيرة بأتم معنى الكلمة; واجهشت البنت نورة بالبكاء ملاحظة ان عملية جلب الماء هو عمل مرهق وان الماء وسخ وهي تتمنى حنفية ماء ...
هكذا هي حال هذه المنطقة التي تفتقر الى أبسط مقوّمات العيش الكريم، فهل تنتبه السلط المختصة الى هذا الأمر وتحقق مطالب مشروعة تحولت الى مجرد «أمنيات» لا تفارق الأطفال في يقظتهم... فما بالك بأحلامهم؟!