لجنة النظام الداخلي بمجلس الجهات تقرر تنظيم عدد من جلسات الاستماع لعدد من الإدارات اللامركزية    سليانة: رفع 372 مخالفة اقتصادية منذ شهر أوت الماضي    "يخدعني ويخلق المشاكل".. المعركة الكلامية تحتدم بين ترامب ونتنياهو    مونديال الكرة الطائرة: المنتخب الوطني يطيح بالفراعنة .. ويصعد الى ثمن النهائي    لاعب نيجيري يعزز صفوف الشبيبة القيروانية    تونس تشارك في بطولة العالم للتجديف أكابر بالصين بخمسة رياضيين    هام/ وزير التجهيز يشرف على جلسة عمل لمتابعة اجراءات توفير مساكن اجتماعية في إطار آلية الكراء الممللك..    عاجل/ غرق 61 مهاجرا غير شرعي اثر غرق قارب "حرقة" قبالة هذه السواحل..    عاجل/ مجلس الأمن الدولي يصوّت على مشروع قرار جديد بشأن غزة..    توقّف العبور في راس جدير؟ السلطات الليبية تكشف الحقيقة!    200 حافلة حرارية جايين من جنيف.. تحب تعرف التفاصيل؟    السجل الوطني للمؤسسات يعلن حزمة إجراءات رقمية جديدة: دفع حصري عن بُعد ومضمون إلكتروني مُحدَّث    عاجل: بذور جديدة وتطبيقات ذكية لمواجهة الجفاف في تونس    الملعب التونسي يفسخ عقد هذا اللاعب..#خبر_عاجل    رابطة ابطال اوروبا : ثنائية كين تقود بايرن للفوز 3-1 على تشيلسي    عاجل/ بطاقة ايداع بالسجن ضد رئيس هذا الفريق الرياضي..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ تقلبات جوية وأمطار بداية من هذا التاريخ..    الموت يغيب هذه الإعلامية..#خبر_عاجل    تونس تجمع 12 مليون قنطار لكن حاجياتها تبلغ 36 مليون قنطار    عاجل: وليّة تلميذة تحرق نفسها.. تفاصيل صادمة من أستاذ التعليم الثانوي    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري بعد صراع مع المرض    في بالك الى فما مكوّن سرّي في زيت الحوت... شنوة يعمل في جسمك؟    جدال في بنغازي: شنوّا صار بين هادي زعيم والإعلامية المصرية بوسي شلبي؟    التنسيق الثنائي في عديد المسائل ،والتوافق حول أغلب القضايا الإقليمية والدولية ابرز محاور لقاء وزير الدفاع بولي عهد الكويت    مشادة بين هادي زعيم وبوسي شلبي خلال مؤتمر الإعلام العربي في بنغازي    الحماية المدنية: 537 تدخلا منها 124 لاطفاء الحرائق خلال24 ساعة الماضية    بلعيد يؤكد خلال الدورة 69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة حرص تونس على مواصلة التعاون مع الوكالة    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    أول سيناتور أمريكي يسمي ما تفعله إسرائيل في غزة "إبادة جماعية"    فرنسا على صفيح ساخن: مليون عامل إلى الشارع لمواجهة سياسات ماكرون    اللجنة الوطنية للحج تستعدّ لموسم 1447ه: ترتيبات متكاملة لضمان أفضل الظروف للحجيج    اجتماع حاسم في الناقلة الوطنية: توصيات لتأمين البرنامج التجاري وتوسيع الحضور الجوي    ترامب يصنف "أنتيفا" منظمة إرهابية كبرى بعد اغتيال حليفه تشارلي كيرك    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    تونس ضيفة شرف مهرجان بغداد السينمائي...تكريم نجيب عيّاد و8 أفلام في البرمجة    من قلب القاهرة... عبد الحليم حافظ يستقبل جمهوره بعد الرحيل    تونس وكوريا: نحو شراكة في الابتكار الطبي والبيوصيدلة    الديوانة تحبط محاولة تهريب مخدرات بميناء حلق الوادي الشمالي    تحويل جزئي لحركة المرور قرب مستشفى الحروق البليغة ببن عروس    غار الدماء: وفاة أم أضرمت النار في جسدها بسبب نقلة ابنتها    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    فتحي زهير النوري: تونس تطمح لأن تكون منصّة ماليّة على المستوى العربي    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    جريدة الزمن التونسي    الكاف: حجز كميّات من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    رسميًا للتوانسة: أي طرف يكرر أو ينشر مباريات الرابطة بدون إذن سيُقاضى...شنيا الحكاية؟    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    عاجل: طلبة بكالوريا 2025 ادخلوا على تطبيق ''مساري'' لتأكيد التسجيل الجامعي..وهذا رابط التطبيقة    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    جريدة الزمن التونسي    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخارطة السياسية في تونس تتغيّر : أحزاب «الصفر فاصل» تستفيد والمرزوقي وبن جعفر أكبر الخاسرين
نشر في الشروق يوم 07 - 07 - 2012

بعد عشرة أشهر من انتخابات 23 أكتوبر 2011 هل حافظت الخارطة السياسية في تونس على نفس موازين القوى أم أن التمثيلية النيابية لم تعد تعكس الميول الانتخابية للناخب التونسي؟

بلغة الأرقام تحصّلت حركة النهضة على مليون ونصف صوت موزّعين على كل الدوائر الانتخابية وهو ما يعني أن الحركة عزّزت من حضورها في كل الولايات في حين تحصّلت بقية الأحزاب الممثّلة في المجلس الوطني التأسيسي مجتمعة على أقل من مليون صوت الأمر الذي جعل حضورها يقتصر في أغلب الاحيان على دائرة أو دائرتين مع أفضلية لحركة العريضة الشعبية وحزبي التكتل والمؤتمر الذين تمكّنوا من تثبيت وجودهم السياسي في عشر دوائر فأكثر.

هذه النتائج التي أفرزتها انتخابات 23 أكتوبر 2011 إذا ما ترجمت جغرافيا سترسم خارطة تهيمن عليها حركة النهضة بنسبة 100٪ تليها حركة العريضة الشعبية الحاضرة في 15 ولاية ثم التكتل الممثل في 10 ولايات فالمؤتمر الموجود في 9 ولايات بالتساوي مع الحزب الديمقراطي التقدمي متبوعا بتحالف القطب الحداثي المتمركز في 7 ولايات بالتساوي مع حزب أفاق ليقتصر حضور بقية الأحزاب على ولاية وولايتين على أقصى تقدير.

وكان معظم المحلّلين السياسيين ذهبوا غداة انتخابات 23 أكتوبر 2011 الى شرح هذه الجغرافيا السياسية بمعطيات تاريخية وسوسيولوجية تتعلّق أساسا بالميولات السياسية للتونسيين الذين وإن اشتركوا في الدين وهو ما يفسّر الحضور الكامل لحركة النهضة في كل الجهات فإنهم يختلفون في القناعات السياسية ومن ثمّة في الانتماء الحزبي وهو ما يفسّر كذلك حضور الأحزاب في جهات بعينها.

فالشمال الغربيّ مثلا من الناحية الاقتصادية يعتبر جهة زراعية ومنجمية لذلك صوّت ناخبوه لحزب العمّال التونسي وحركة الوطنيين الديمقراطيين وإن كان ذلك بنسبة قليلة فإنه مكّن هذين الحزبين من الفوز بمقاعد داخل المجلس الوطني التأسيسي في حين صوّت الساحل الليبرالي للأحزاب ذات المرجعية الدستورية كحزب الوطن.
وكانت الأحزاب ذات التوجّهات الحداثية فازت في مناطق سكنية بعينها يعيش فيها النخب والمثقفون والتكنوقراط كأحياء النصر والمنازه بتونس العاصمة لكن ماذا لو تمّت دعوة التونسيين للتصويت اليوم بالذات؟

من الدغمائية الى الديمقراطية

هناك أسئلة كثيرة يطرحها المحلّلون السياسيون والسوسيولوجيون لفهم طبيعة التصويت الذي قام به المواطن التونسي في انتخابات 23 أكتوبر منها مثلا اقباله على مرشحي حركة النهضة دون أن يكون لهؤلاء المرشحين برامج واضحة تميّزهم عن غيرهم من المرشحين. والواضح ان الناخب التونسي تعامل مع حركة النهضة كحزب دولة أي أنه يتموقع داخل نفس المقاربة البراغماتية التي اعتمدها المواطن التونسي في تعامله مع الحزب الاشتراكي (الدستوري) في فترة حكم الرئيس الحبيب بورقيبة وكذلك مع التجمّع الدستوري الديمقراطي في فترة حكم الرئيس زين العابدين بن علي.

لم تكن حركة النهضة حاضرة في ذهن الناخب التونسي وفي وجدانه كحزب يتنافس مع بقية الأحزاب لتسيير أمور الدولة بل كحزب سيحكم الدولة لذلك صوّت الناخب التونسي «للحزب» اقتناعا منه أن النهضة ستعوّض التجمّع الدستوري الديمقراطي أو الحزب الاشتراكي الدستوري بما يعني أن الدولة برمّتها ستسقط مرّة أخرى في حضن «الحزب الواحد» مع تغيير الاسم لتبقى بقيّة الاحزاب بمثابة «الكوميث» الذي يتمعش من النجم ولا يزيد من بريقه.

هذه القراءة القائلة بأن الناخب التونسي صوّت بشكل دغمائي تجد لها تبريرات اليوم بعد ان تغيّرت الجغرافيا السياسية في أقلّ من عشرة أشهر من انتخابات 23 أكتوبر 2011 حيث أصبح التونسي يعي جيّدا أن الثورة التونسية على علاّتها لم تكن مجرّد مسرحية جاءت بدُمى جديدة لتحكم البلاد على غرار ما اصطلح على تسميته بتغيير السابع من نوفمبر بل هي حقيقة أفرزت تحوّلا جذريا وعميقا في تاريخ البلاد ليسقط من جديد حاجز الخوف لدى التونسيين في علاقة هذه المرّة بنظرية الحزب الواحد أو حزب الدولة واكتشفوا معارضة على «علاّتها» قويّة وقادرة على الوقوف بندية أمام حزب الاغلبية.

عشرة أشهر كانت كافية ليغير التونسي من علاقته بحركة النهضة من حزب الدولة الى حزب الاغلبية أي أنه قادر بصوته الانتخابي على نزع الاغلبية منه ومنحها لحزب آخر قادر على تحقيق مطالبه.

والحقيقة أن حركة النهضة كانت طرفا في اعادة هيكلة هذه المقاربة إذ قدّمت نفسها كحزب ديمقراطي يؤمن بالتداول على السلطة ما خفّف من حدّة خوف التونسي من أن يعيد التاريخ نفسه بإعادة انتاج نموذج بورقيبة وبن علي وهوما يُحسب لها.

هذه العوامل ساهمت الى حد كبير في تقليص هيمنة حركة النهضة على الخارطة السياسية من وجهة نظر جغرافية بل وأحدثت تغييرا جوهريا في موازين القوى، ساهمت في اشعاع أحزاب أخرى كانت مغمورة ودفعت بها الى واجهة الأحداث في جهات عديدة من البلاد لتعزز من حضورها السياسي وتدعم حظوظها الانتخابية.

من الثابت الى المتحوّل

إن ممارسة حركة النهضة للسلطة مع حلفائها في حزبي المؤتمر والتكتل مكّن التونسيين من الوقوف على حقيقة الفعل السياسي (Action politique) بما هو تصادم مع الممارسة السياسية (Pratique politique) وهما أمران مختلفان تماما أي أن الناخب التونسي اكتشف أن الإرث النضالي والنوايا الحسنة و«الرصيد السجني» في غياب الخبرة السياسية ليست عوامل كافية لتحقيق الرفاه الاجتماعي والعدالة والحرية والأمن كمطالب عاجلة ينتظر نفس الناخب تحقيقها الآن وليس غدا زيادة على الارتباك الذي رافق أداء عديد الوزراء والمسؤولين وحتى الرئاستين الجمهورية والتأسيسية الأمر الذي دفع بالتونسيين من خارج الانضباط الحزبي الى اعادة النظر في علاقتهم بمن يحكمهم وربّما تكون ترجمته في الانتخابات القادمة بمثابة الصدمة لأكثر من طرف سياسي يخال نفسه بمنأى عن العقاب الانتخابي (sanction électorale).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.