يتوجه الناخبون بولاية الكاف يوم 23 أكتوبر القادم إلى مكاتب الاقتراع حيث تنتظرهم 45 قائمة انتخابية مقسمة بين حزبية ومستقلة وائتلافية ستتنافس كلها على 6 مقاعد في المجلس الوطني التأسيسي. عرفت ولاية الكاف التهميش والنسيان منذ عقود طويلة رغم مخزونها الطبيعي الكبير والذي استفادت منه كامل البلاد وبقي سكان الجهة يتخبطون في أدنى درجات الفقر والاحتياج وتدخل المنطقة انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بقائمات عديدة سواء لأحزاب سياسية أو مستقلة وتنقسم القائمات بين أحزاب معروفة وأخرى جديدة رأت النور بعد ثورة 14 جانفي. وما ميز الساحة السياسية بالكاف طيلة الفترة الفارطة غياب الصراعات الحزبية فجميع الأحزاب نشطت بكل حرية وقدم البعض برامجهم في حضور جماهيري متفاوت بين حزب وآخر دون مضايقات من أي طرف.والعارف للمشهد السياسي بالجهة لا يمكنه أن يصدر حكما قاطعا على نجاح قائمة معينة لكن بقراءة أولية للقائمات المترشحة يمكن ترتيب القائمات حسب عدد المنخرطين في كل حزب أو حسب معرفة الناخبين لرؤساء القائمات وشعبيتهم. التنافس بين القائمات المترشحة سيكون على 6 مقاعد وهو نصيب الولاية في انتخابات المجلس التأسيسي وكل قائمة يحدوها الأمل في أن تدخل المجلس ولو بعضو واحد. ومن المنتظر حسب المتابعين للانتخابات أن ينحصر الصراع بين أربعة أو خمسة أحزاب على الأكثر ومن بينها حركة النهضة والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي وحركة الوطنيين الديمقراطيين والأحزاب القومية بمختلف انتماءاتها كحركة الشعب الوحدوية التقدمية...أما الأحزاب الأخرى فإنها مازالت تتحسس طريقها ولو بخطى بطيئة لنقص الخبرة والتجربة وهذه الانتخابات يمكن اعتبارها تدريب لما هو آت في قادم السنوات.نفس الشيء بالنسبة للقائمات المستقلة التي ليس لأفرادها أي رصيد سياسي بل أن بعض رؤساء القوائم غير معروفين حتى على مستوى المنطقة التي يقطنون بها إضافة إلى نقص التجربة والإمكانات المادية. إلا أن بعض القائمات التي تختبئ وراء أحزاب قد تكون لها كلمة وتحدث مفاجأة. وقد ركزت الأحزاب التي قامت بنشاطات في الجهة على المعتمديات ذات الكثافة السكانية الكبيرة كالكافالمدينة وتاجروين والدهماني...وحسب الإقبال الجماهيري فإن حركة النهضة تنطلق بأوفر الحظوظ عبر قائمة يرأسها عضو المكتب التنفيذي عبد اللطيف المكّي للحصول على عدد هام من المقاعد لشعبيتها وبحكم قاعدتها الجماهيرية العريضة ولتجربتها السابقة في انتخابات سنة 1989.وهذا لا يعني سيطرتها المطلقة على المسار الانتخابي فبقية الأحزاب ورغم نقص التجربة لأغلبها فإن طموحهم مشروع كالتكتل والتقدمي وحركة الوطنيين الديمقراطيين والمؤتمر من أجل الجمهورية وحزب العمل الوطني الديمقراطي وحركة الشعب الوحدوية التقدمية وحركة الديمقراطيين الإشتراكيين(الورقة الخضراء برئاسة حسين الماجري)...وبعض المستقلين المعروفين على غرار الوجه النقابي وعضو المركزيّة النقابيّة منصف اليعقوبي. أحزاب بعد 14 جانفي الأحزاب الجديدة والتي ظهرت بعد ثورة 14 جانفي أغلبها غير معروفة وليس لها مكاتب جهوية ولم تستطع القيام باجتماعات عمومية للتعريف ببرامجها لن تستطيع أيضا أثناء الحملة الانتخابية مواكبة الأحزاب المعروفة وعلى أكثر تقدير فإنها ستقوم بتعليق البيان الانتخابي وصور أعضاء القائمة. المستقلون والطموحات المشروعة المستقلون تبدو حظوظهم غير متكافئة فمنهم من يدخل غمار الانتخابات وهو يعول على معرفة الناس له وخاصة رؤساء القائمات القاطنين بمركز الولاية وشق آخر قد يكون ترشح لاختبار مدى قدرة القائمة على المنافسة وربما التحضير للاستحقاقات القادمة كالانتخابات البلدية والتشريعية خاصة وأن هذه القائمات ليس لها الدعم المادي وهو جانب مهم في أي عملية انتخابية قد يسقط بعض القائمات «بالضربة القاضية». تجمعيون في الانتخابات بعض القائمات احتوت على أسماء كانت تنشط صلب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ودخلوا الانتخابات في العديد من القائمات ربما طمعا في ود التجمعيين الذين قد يتعاطفون معهم ويحصل هؤلاء على العديد من الأصوات التي قد تؤهلهم للحصول على مقعد داخل المجلس التأسيسي والسياسة لعبة بإمكان أي كان أن يلعبها ولكن النتيجة ستكون لصالح من يحسن اللعب ناهيك أنّ الجهة صعّدت على مدار العقود الماضية قيادات وأسماء بارزة في حزب التجمّع المنحل على غرار عبد الرحيم الزواري الذي كان له أكثر من تأثير وحساب في تكتيكات وأجندة الحزب المذكور. الأحزاب اليسارية والقومية والامتحان الحقيقي القامات ذات التوجه اليساري أمام امتحان حقيقي هذه المرة فأمامها حركة النهضة التي دخلت بقوة وستتنافس بجدية على المقاعد المخصصة للجهة وتشتت الأصوات سيقلل من نسبة نجاحها في غياب قاعدة شعبية للعديد منهم ولو أنهم يطمحون إلى مساندة عدد من النقابيين .ومن المنتظر أن يجد هؤلاء أيضا منافسة من القائمات ذات التوجه القومي وبعض الأحزاب الأخرى التي تسعى بكل ثقلها إلى جمع عدد محترم من الأصوات لعل الحظ يحالفها وتتمكن من الدخول إلى المجلس الوطني التأسيسي . تبقى كل هذه تخمينات وتقديرات أولية وصناديق الاقتراع هي الوحيدة القادرة على إخراج الخارطة السياسية الجديدة وبعد ذلك سيكون لكل مقام مقال.