تونس تتبدّل... ويجب أن يكون ذلك نحو الأفضل... تونس تتقدّم، ولابد وأن يكون التقدّم في الاتجاه الصحيح. تونس تثور، والثورة تعني الانطلاق نحو الأفضل وتعني فسخ السائد وتمحو البائد...
بلادنا مقبلة على مرحلة جديدة، تتقاطع فيها الإرادات، ولكن ما يجب أن يعنينا في كل ما يحدث من تجاذبات، هو أن إرادة الشعب هي الأولى بالتطبيق... غدا تعرف تونس، حدثا مهمّا يتمثّل في إلتآم المؤتمر التاسع لحزب حركة النهضة، ويحدث أن يكون هذا الحزب، هو الأكثري في المجلس الوطني التأسيسي، وهو الحزب الذي يقود الحكومة في نظام يتّجه الى أن يكون نظاما برلمانيا، وهو كذلك الحزب الأكثر تنظيما من حيث تغلغل هياكله في كامل تراب الجمهورية. في هذا التوقيت بالذات نسعى الى التنبيه من مخاطر عقلية الحزب المهيمن، وهي عقلية دمّرت البلاد وأذّت العباد، وجعلتهم يكفرون بما يجب أن يعتزّوا به ويصونوه، وأقصد الدولة.
للتونسي أمنيات، قدّها وبلورها على مرّ السنوات. ولعلّ القطع مع عقلية الحزب الواحد، والذي يحمل في طيّاته اقصاء وتهميشا لغير المتوافقين مع منهجه، مثلما كان حال التونسي مع «حزب الدستور» ومن بعده «التجمّع» هي من أوكد الأمنيات للتونسي اليوم...
اليوم، آن الأوان أن يعمل كل حزب، مهما كان حجمه، على أساس أنه ليس اللاعب الوحيد في الساحة السياسية، وأن العهد الآن، هو عهد التداول على السلطة، لا عهد المكوث فيها والتخليد في دفّتها.
إن التخلّي عن عقلية الحزب الواحد، هو دربة يتعلّمها السياسي قبل المواطن العادي. وتونس لن تحقق أهداف ثورتها، إلا متى قطع السياسيون فيها، وخاصة من آلات إليهم سلطة الحكم، مع تضخّم «الأنا» ومع عقليّة الإقصاء ونفي سنّة التداول.
ما نجده مطلوبا الآن، لتونسالجديدة، هو إرساء عقلية التعفّف عن التخليد في السلطة، واعتماد عقليّة ديمقراطية، تؤمّن التنوّع السياسي والتداول على السلطة. كل هذا من أجل أن نقطع مع عقلية الحزب الواحد، ونؤسس لعقلية جديدة عنوانها التواضع... السياسي.