تعودنا من رجال الأعمال أو السياسيين أو الجمعيات المدنية أو مؤسسات الدولة عند قيامهم بعمل خيري يخدم مصلحة البلاد أن تكون هناك عدة أهداف اما أن تكون هناك انتخابات على الأبواب أو مصلحة لتغطية خطإ ما أو ليشاهد العالم أن السياسيين كرماء ويفكرون في شعوبهم. ولكن مع ضيفنا رجل الأعمال لطفي مقطوف والمحامي وعضو عمادة المحامين في نيويورك والمستشار الأول بصندوق النقد الدولي في واشنطن كان الأمر مختلفا. ويعرّف ضيفنا نفسه بأنه لطفي مقطوف الانسان الذي لا ينتمي لأي حزب سياسي ولم يقم بأي نشاط سياسي وهو متزوج وأب لطفلين ومحب لهذا البلد فمنذ انشائه جمعية «المدنية» أصبح رجل الأعمال «مقطوف» يقضي وقته بين موناكو وتونس متنقلا بين جهاتها باحثا عن عطاء لأناس لا يعرفهم ولكن هم أبناء وطنه فقط هم يحتاجون لمساعدة ما.
من شاب بسيط من عائلة متوسطة الدخل إلى رجل أعمال ومستشار اقتصادي فمحام وعضو في عمادة المحامين بأمريكا، كيف هي رحلة لطفي مقطوف في عالم النجاح؟ فعلا أنا من عائلة بسيطة وكان منزلي أصغر من مكتبي الحالي ولكن كنت متفوقا في دراستي حلمت بالنجاح وبدأ مشواري يتحقق خطوة، خطوة، وهدفي كان محددا منذ البداية، فعن طريق المنح التي كنت أتحصل عليها من الجامعة بباريس بدأت أستثمر هذه النقود إضافة إلى ربح بعض الأموال عن طريق المسابقات الدراسية، وكانت هذه بداياتي في عالم الاقتصاد وبعزيمة الشاب التونسي استطعت أن أصعد سلم النجاح.
خطواتك الأولى في عالم الاقتصاد كانت بشراكة مع البارون دي روتشلد إدمون وهو أشهر رجال الأعمال في العالم؟
لقد دخلت في شراكة مع البارون دي روتشلد وشكلنا شركة استثمار مشتركة 50٪ لكل منا في مجال عمليات الدمج والاكتساب في ميدان الاتصالات والطاقة وإعادة هيكلة الدين العام وذلك سنة 1996 وبالتوازي مع هذه الشراكة جمعت بين وظائف الاستشارات في قطاع الاستثمارات الخاصة وأنشطة تهدف إلى رعاية مصالح عامة.
يعني في طريق دخولك في رعاية المصالح العامة فكرت في بعث جمعية في تونس بلدك الأم تحت اسم «المدنية» لمساعدة الجهات المحرومة في كامل تراب الجمهورية؟
أنا دائما أنشط في الجمعيات الخيرية والمدنية التي تساعد المحتاجين والشباب ولكن بعد الثورة فكرت في أن أبعث جمعية في تونس، وخاصة أن هناك عديد الجهات المحرومة ونسبة كبيرة من العاطلين عن العمل وخاصة منهم أصحاب الشهائد العليا.
كيف كانت بداية مساعدتك للشباب العاطل عن العمل من خلال جمعيتك؟
أتذكر جيدا عندما كنت في احدى جولاتي بإحدى الجهات المحرومة سمعت حوارا بين مجموعة من الشباب العاطل عن العمل حيث قال أحدهم لزملائه «لو كنت أملك رخصة سياقة لما كنت واقفا معكم ولبحثت عن عمل» فراودتني الفكرة وقمت بدراسة لها وقررت أن تكون بداية عملي الاجتماعي هي توفير رخص سياقة للشباب.
وهل توجد مواصفات معينة للشباب الذي ستوفر لهم «رخص سياقة» وخاصة أن تكاليفها مرتفعة؟
طبعا هناك شروط وأولها وأهمها هي الحالة الاجتماعية للشباب والفتيات فهدفي كما قلت آنفا هو مساعدة المحتاجين فقط لذلك اتفقت مع مدرسة تعليم سياقة على تعليم عدد معين من هؤلاء الشباب وأكدت على المناصفة بين الجنسين من الذكور والاناث.
آمنت بقدسية التعليم مهما كانت الظروف وهذا ما جعلك تساعد الأطفال في الالتحاق بمدارسهم وخاصة منها البعيدة إذن من «السياقة» إلى «التعليم»؟
لكوني عشت سنين طوالا في الغربة لم أتوقع أن يكون هناك في تونس مدارس بعيدة حوالي 13 و15 كلم عن منازل التلاميذ وفي الظروف المناخية المحيطة بهم لذلك فكرت في حل سريع لهم وهو توفير وسائل نقل تساعدهم على الالتحاق بمدارسهم في التوقيت المحدد فاتفقت مع عدد من سائقي النقل الريفي لمساعدة هؤلاء الأطفال على «حقهم في التعليم» في ظروف محترمة.
وإثر تجربتك مع «التلاميذ» هل لاحظت تحسنا في نتائجهم الدراسية؟
فعلا هناك تحسن ملحوظ في النتائج الدراسية وخاصة في الثلاثي الثالث منذ بداية فكرة التنقل عن طريق «النقل الريفي» فمن كان يتحصل على 11 من 20 أصبح يتحصل على 13 من 20 وأبهرتني فتاة صغيرة حين قالت «كنت في المرتبة الثالثة في قسمي وعندما توفرت لي الظروف أصبحت الأولى.. وفعلا وعدت ونفذت وأصبحت الأولى في فصلها وفي المدرسة، وهذا هو نجاحي حين أرى التفوق لدى الأطفال».
ثمانية برامج حققتها من خلال جمعيتك «المدنية» في سنة ونصف من العطاء لو تحددها لنا؟
ثمانية برامج بأسماء مختلفة هدفها تشجيع وتمويل الابداعات والنشريات ذات المحتوى الحرّ، منها ما هو قائم على تنظيم دورات تكوينية وبعث مكاتب تجارية لفائدة المزارعين الشبان، في حين أن جامعة الغد تسهل إقامة منتديات ومحاضرات حول قضايا المجتمع المدني أما مشروع رخص السياقة الذي ذكرناه سابقا فاسمه «الحلم يتحقق» إضافة إلى تمويل الحصول على بطاقات التعريف الوطنية من أجل المشاركة في الانتخابات، ونصل إلى المشروع الخامس تحت اسم مصرف التنمية هدفه دعم وبعث المؤسسات الصغرى ومتوسطة المكافآت والجوائز ثم دعم الطابع التونسي وذلك لرفع الجاذبية الاقتصادية والمالية لبلادنا، ولا ننسى فكرة جذور التي تنظم من خلالها مجموعة رحلات استكشافية وتحسيسية لفائدة التلاميذ وأخيرا بلادي وهي عبارة عن تنصيب وصيانة شبكة لمواقع «الواب» المعلوماتية على مستوى جميع البلديات للتعريف بالخدمات المقدمة للمواطن.
لو حصرنا المستفيدين من جمعية «المدنية»؟
المستفيدون هم العاطلون عن العمل، والمزارعون الشباب وأصحاب مؤسسات من الشباب والتلاميذ والفنانين والمرأة الريفية وكل من يحتاج إلى مساعدة نحن جاهزون وهدفنا هو تغطية جميع الولايات الداخلية في سنة 2013، وأنا متأكد ان جمعيتنا قادرة على ذلك.