على هامش أمسية الشعر العربي بسيدي بوزيد ... بلغ السيل الزبى
1
لم يعد للكتابة عن الشأن الثقافي في الجهات الداخلية شأن فلا من مجيب ولا من رادع ولا من مهتم أصلا وهو ما أعطى للبعض شعورا بأن لهم التصرف في الشأن الثقافي كما شاؤوا وبعيدا عن الضوابط في ظل مجتمع مدني منشغل بحياة أخرى وفهم البعض الوضع الجديد بأنه فرصتهم للقفز والتسلق على غرار المتنفذين القدامى ومع ذلك فتلك الحقيقة أقولها وأمضي كما يقال وسأعود إذا لزم الأمر...
2
صمتت كثيرا عن بعض الممارسات المحبطة في المشهد الادبي والفكري بسيدي بوزيد احتراما للماء والملح وانتظارا لاستفاقة بعض الأطراف التي تنفذت حديثا في الساحة الثقافية وعدولها عن ممارسات التهميش التي تقترفها وتجنبا لأن تصيب سهام الكلمات غير مواضعها في ساحة يكثر فيها التأويل والتقول وتأخذ نظرية المؤامرة طابعا ثقافيا وبحثا عن حالة سلام ثقافي بين مثقفي ومبدعي الجهة... لكن سهرة الشعر العربي التي انتظمت في إطار المهرجان الصيفي مساء الأحد كانت نقطة فاصلة حيث تبين بوضوح أن الصمت في هذه اللحظة هو خيانة للكلمة وللثقافة ولتضحيات كثيرة و تنكر للحرب على الرداءة الثقافية التي كانت علامة هامة في الحراك الثقافي بالجهة رغم نسيانها من طرف البعض ورغم أن بعض من لا يخجلون اطلاقا مازالوا يصرون على ارتداء ثوب الضحية إلى اليوم...
3
كادت أمسية الشعر العربي التي لقبت أولا بأمسية الشعر العراقي في مطويات المهرجان ثم تحولت إلى أمسية شعر عربي أن تكون أمسية سرية فأسماء المشاركين ظلت سرية ولم تعلن حتى الساعات الأخيرة قبيل الأمسية... ولم ينجدني أحد من المقربين أو المسؤولين بالأسماء وكل الذين سألتهم حتى الساعات الأخيرة قبيل انطلاق اللقاء لم تكن لديهم إجابة فلقد ظل الأمر سرا لا يعلمه غير مدير المهرجان حسبما تلقيت من إجابات اعتبارا لأن المهرجان مستقل ولا دخل للإدارة الثقافية في تسييره وبرمجته... كادت الأمسية أن تكون سرية ولم يكلف المهرجان نفسه عناء دعوة الوجوه الثقافية والأدبية بالجهة في نوع من التجاهل... والغريب أن بعض الأسماء أفادتني أنها تلقت دعوة هاتفية من قبل عامل حضائر في دار الثقافة وكنت شاهدا على إحدى الدعوات والغريب أن هذا العامل ادعى أنه منسق ثقافي ولا يعرف من كلفه بهذا الاتصال... وهذه الممارسة الرديئة محيرة ... كان لا بد على الأقل من دعوات محترمة لمبدعي الجهة وأن كان لا بد من استشارتهم ولما لا تشريكهم والحال أن في شعراء الجهة الكثير من الأصوات التي تفوق شعريتها هذه الطائفة من الضيوف...ممارسة أكاد أؤكد أن وجوه الأمس لم تفعلها رغم الاختلافات العميقة كانت تصلنا الدعوات الشخصية للحضور وهذا نقوله من باب اعطاء كل ذي حق حقه...
4
...وهكذا حل موعد اللقاء الذي تأخر كثيرا انتظارا لحضور الجمهور فلم يكن في الموعد غير نفر ضئيل أي حوالي الثلاثين نفرا باعتبار أعوان وإطارات وعمال دار الثقافة والشعراء المدعوين والأطفال وتغيبت جل الوجوه الثقافية والأدبية المعروفة في سيدي بوزيد عن الموعد.
ومر اللقاء ضعيفا وأكد جل المتتبعين أن هذه الأصوات الشعرية لم ترتق إلى المستوى المطلوب في تظاهرة مهرجانية صيفية يفترض أن يكون ضيوفها من الحجم الكبير الذي يليق بالجهة ويحرك السواكن الثقافية فيها لا مجرد أسماء متواضعة فكان العنوان مجرد ضحك على الذقون وتساهل للشعر وللتظاهرات الادبية...
5
لم تكن هذه الأمسية الشعرية التي وصفت بالعربية غير حلقة أخرى في جملة من المهازل والخيبات التي مني بها المثقفون في تظاهرات شعرية أوكل أمرها إلى هيئة المهرجان الصيفي... ولعل ما حصل في هذه الأمسية شبيه بما جرى في اللقاء الشعري الذي انتظم في الذكرى الاولى للسابع عشر من ديسمبر والذي كان مهزلة صمتنا عنها وصمت عنها الجميع...
6
لقد حان الوقت للوضوح والقطع مع الممارسات السابقة وليعلم البعض أن هذا السلوك جريمة في حق الثقافة وفي حق جهة سيدي بوزيد وفي حق أحلام المثقفين والمبدعين ومن ناضلوا ضد الرداءة الثقافية طويلا وفي حق مشهد ثقافي سنوي تشرف عليه المندوبية ويحفل بالعناوين وبمحاولات بعث تظاهرات عديدة... وان الصمت لم يعد ممكنا مادامت هذه الممارسات المستفزة متواصلة.