سررنا ونحن نرى سرور وزرائنا وأعضاء المجلس التأسيسي يفتتحون مهرجان قرطاج الدولي. وسررنا ونحن نسمع أخبارهم السياحية على شواطئ جربة والحمامات. هنيئا لوزرائنا وولاتنا وأعضاء التأسيسي ورؤساء المصالح في عطلتهم. الشعب يسعد اكثر وهو ينظر الى من يمثله في عراك وخصومة في ظاهرها الغيرة على الشعب وحقوقه وفي باطنها صراعات حزبية وحملات انتخابية وانتهازية ابتدعوها ما طلبها منهم الشعب. والمواطن اليوم يغرق في العطش. ويغرق في أكداس القمامة يتعثر فيها صباحا مساء ويتصيد الحشرات المستلقية على عتبة منزله وبين ثيابه وعلى جلده المحترق. والمواطن يغرق في العرق كدحا من اجل لقمة العيش التي بدأت تبتعد عنه كلما اقترب شهر رمضان. وبدأت اللحوم الحمراء وبقية الألوان تهجره وبدأ يهجرها ويزعم انه مصاب بعمى الألوان الى جانب أمراض فقر الدم ونقص التغذية.
المواطن لا يزال ينتظر عودة رئيس المصلحة بعد قضاء عطلته التي تنتهي بعد شهر رمضان. وينتظر ان يسترجع الموظف توازنه بسبب ارتفاع درجات الحرارة وينتظر استقرار الأسعار. ويتمنى المواطن ان تنطلق الحملة الانتخابية في هذه الأيام ليعلم زعماء الأحزاب حجم معاناة المواطن في هذه الهجيرة وليعلموا حجم الرمضاء التي يقتات منها المواطن.
ولا شك انه لو تنطلق الحملة الانتخابية، فان أولئك سيبدؤون حملتهم على الشواطئ البحرية وليس على شواطئ عرق الكادحين. لان زعماءنا يكرهون عطش العطاشى ومطالب المطالبين واحتياجات المحتاجين ويودون لو ان الناس جميعا يقولون «الحمد لله لاباس» و«خلي الحكومة تخدم على راحتها» وفي القيروان انتظر المواطنون زيارة وزيرة البيئة ليطلعوا الوزيرة على التجاوزات البيئية والانتهاكات الخطيرة التي تواجهها البيئة هناك. الفضلات امر عادي والمستنقعات امر عادي وقطع الأشجار امر عادي، وانتهاك المؤسسات الصناعية للبيئة برا وجوا امر عادي. واستنزاف الموارد الطبيعية الجامدة منها والسائلة امر يومي. فهل ستأتي الوزيرة ام تكتفي بتقديم منحة للبيئة لا تكفي لطرد الناموس؟
يود المواطن اليوم وهو عائد من عمله يتصبب عرقا او وهو عائد من السوق يحمل قفة خالية او وهو ذاهب على متن دابته لملء دلوه من الماء، ان يجد أمامه المسؤول. ولا شك ان تواجد المسؤول سواء الوزير او المعتمد مع المواطن وبالقرب منه ومن معاناته ستزيده فخرا بالثورة وبالربيع العربي وتنسيه فقره ولا يندم يوم قال «خبز وماء وبن علي لا».