النائب عبد القادر بن زينب يدعو إلى هيكلة وزارة الفلاحة وتحقيق في صفقات مشبوهة في شركة اللحوم    رئيس الجمهورية يتعرّض إلى إيجاد حلول لتمويل الصناديق الاجتماعية في تونس لدى استقباله وزير الشؤون الاجتماعية    عاجل/ خلال لقائه وزيرة المالية: رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات..    سير عمل المؤسسات العمومية: أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة برئيسة الحكومة..    الرئيس السابق للأولمبي الباجي منير بن صخرية في ذمة الله    قانون الشيكات الجديد يربك قدرتك على الشراء بالتقسيط: هل انتهى زمن''نخلّي شِيك''؟    شركات التأمين''تدفع'' نصف مليار دينار للتوانسة في 3 شهور!    أهالي زوارة الليبية يشحنون سيّارات قافلة الصمود بالوقود مجانا..    عاجل/ استشهاد 36 شخصا بقصف إسرائيلي جديد طال مراكز توزيع المساعدات..    احتجاجات ومواجهات في لوس أنجلوس بسبب ترحيل المهاجرين    القارة الأفريقية تفخر بنجمين أسطوريين في كأس العالم للأندية    لينغليه يفسخ عقده مع برشلونة بالتراضي ويوجه بوصلته نحو هذا الفريق    مونديال الأندية : باريس سان جيرمان الأوفر حظا للتتويج    ماكنتوش تحطم رقم هوسو القياسي العالمي في سباق 200 متر فردي متنوع    سكالوني: الأرجنتين لا تعتمد بشكل كبير على ميسي    100٪ من الحجيج التونسيين أدّوا عرفة لأول مرة في تاريخ البعثات    التوقعات الجوية لهذا اليوم..الحرارة تصل الى 41 درجة..    عاجل/ فاجعة بهذه الجهة…وهذه حصيلة القتلى والجرحى..    ''كيفاش ترتاح بالكليماتيزور من غير ما تمرض ولا تزيد في فاتورتك ؟''    إسرائيل ترحل نشطاء سفينة مادلين عبر مطار بن غوريون    التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026: فوز إيطاليا على مولدافيا 2-0    الدكتور الجراح محمد علي شوشان: كفاءة تونسية تعود من بريطانيا وفرنسا لتُحدث فرقاً في تطاوين    الإسلام الأسرع نمواً في العالم بين 2010 و2020 بفضل التركيبة السكانية الشابة    إمضاء العقد العام المتعلق باقتناء 418 حافلة جديدة لتعزيز أسطول النقل العمومي الجماعي بكامل الجمهورية    سمكة قرش تسقط من السماء فوق ملعب غولف في الولايات المتحدة    استعدادات كبيرة في المدن الليبية لاستقبال قافلة "الصمود" المتجهة إلى غزة    ليييا.. دعوى جنائية ضد عناصر من "الأمن المركزي" و"دعم الاستقرار"    زوجة المسرحي علي مصباح ل«الشروق» زوجي تعرّض إلى الهرسلة والتهديدات وحُرِم من تحقيق أمنيته    بداية من الشهر المقبل...Les Solistesيحطّ الرحال بحدائق قرطاج    «وان مان شو» ينقد البيروقراطية الإدارية «زارتنا البركة» جديد العربي المازني    أولا وأخيرا: عصفور المرزوقي    توننداكس يقفل حصّة الإثنين على تراجع بنسبة 0،2 بالمائة    المهدية... كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة المكلّف بالمياه...وضعيّة التزوّد بمياه الشُّرب ستكون أفضل هذه الصّائفة    الليلة: طقس صاف والحرارة تتراوح بين 21 و32 درجة    عاجل: وزارة الصحة تحذّر من منتج 'Lemon Bottle'    عاجل/ يهم هؤولاء التلاميذ: وزارة التربية توجه نداء هام للاولياء..    حجّاج بيت الله يؤدّون طواف الوداع    القيروان: إقرار خطة جهوية لحماية الحقول من الحرائق وخزن صابة الحبوب    نابل: الانقطاع المتكرر للماء الصالح للشرب وسط ارتفاع درجات الحرارة يعمّق معاناة أهالي بئر الجدي بمعتمدية الهوارية    حفوز: قتيلان و3 جرحى حصيلة حادث مرور    رونالدو يرد بقوة: لن أرحل عن النصر.. وهذا قراري النهائي!    جمعية مسرح المدينة بجمنة تستعد لتنظيم إقامات فنية لتأطير المشاريع الثقافية للشباب من تونس والمغرب والسنغال في المجال السمعي البصري    "سيني جنينة" من 11 جوان إلى 16 جويلية 2025 بتونس العاصمة    عاجل/ المتحور الجديد "نيمبوس": د.دغفوس يبيّن مدى خطورته على تونس    في آخر أيام الحج.. ضيوف الرحمان يرمون الجمرات الثلاث    انطلاق تظاهرة 'دروب ومسارات' بمركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف    خبير مالي: إرجاء اصدار أقساط القرض الرقاعي قد يمكن من نزول نسبة الفائدة في الاشهر القادمة    الكاف: تجميع 53700 قنطار من الشعير منذ انطلاق موسم الحصاد    تصنيف لاعبات التنس المحترفات - انس جابر تتقهقر الى المركز 59    عاجل/ ملف الأضاحي: الكشف عن تجاوزات خطيرة والدعوة للتحقيق والمحاسبة    مفاجأة بالأرقام : قطاع المياه المعلبة في تونس يُنتج 3 مليارات لتر سنويًا    عاجل : موسم حج 1446ه آخر موسم صيفي ...تفاصيل لا تفوّتها    عاجل/ ظهور متحوّر جديد من كورونا شديد العدوى    عاجل/ جيش الاحتلال يختطف السفينة "مادلين" المتوجّهة الى غزّة    وزير التربية يتابع سير العمل بمركزي إصلاح امتحان البكالوريا بولاية سوسة    بسام الحمراوي: '' أريار الڨدام''... فكرة خرجت من حب الماضي وتحوّلت لسلسلة كاملة بفضل الجمهور    جائزة محمود درويش تضيء على إرث الصغير أولاد أحمد وشعر المقاومة    تسليم كسوة الكعبة لسدنة بيت الله الحرام    









من ذاكرة مرب متقاعد : بسكلتي بسكلتي في «الحفصية» ورّطتني

لما كنت أزاول تعلمي الثانوي في أواخر الخمسينات بالمدرسة الصادقية بتونس وبحكم السكنى في حومة الحفصية، كنت أمر يوميا بالمحل المعد لكراء الدراجات النارية والعادية بمختلف أنواعها وأشكالها، وكنت أمني النفس بركوب واحدة منها ولو لبضع دقائق ولكن أنّى لي ذلك والقليل من المال الذي يكون بحوزتي لا بد أن يصرف في الدراسة.
وذات مرة وبعد أن لاحظ اليهودي اهتمامي الكبير بما يمتلكه طلب مني أن أساعده في تنظيمها على أن يمكنني مجانا من التمتع بالتي سأختارها. لكنه لم يف بوعده وبدون أن أشعر ودفاعا عن كرامتي رميته بحجارة أصابت بطنه الذي كان كالطبل وجعلته يئن ويهدد ويسب ويتوعد. وهربت طبعا خوفا من أن تتعقد الأمور واتقاء لشره كنت لمدة طويلة اتفاداه باتباع مسالك غير المتعود عليها عند قضاء شؤوني أو شؤون أهل الدار التي حدثتكم عنهم سابقا. وذات أحد من أيام رمضان المعظم زارني أبي وكنت مشتاقا كثيرا لرؤيته ولرؤية والدتي «رحمها الله» ولأخواتي الصغريات أما أخي محمد فقد كنت باتصال دائم به اذ كان يدرس غير بعيد عني بمدرسة خزندار بباردو.
لاحظت أن والدي كان منشرحا نوعا ما وكأنه يخفي مفاجأة وبعد استراحة قصيرة من تعب السفر طلب مني بأن نقوم بجولة في أسواق المدينة العتيقة وخاصة سوق العطارين والرانة ولكنه عندما توجه بي إلى سوق الدراجات بالحفصية فهمت مقصده ، وطالت المساومات في البيع والشراء وفي كل موقف كنت أدعو ا& في داخلي أن يحقق الحلم، ونحقق الحلم العظيم واشترى أبي دراجة عادية مقبولة الشكل والجمال، وارتميت عليه أعانقه وأقبله بقوة وتصورت نفسي بأربعة أجنحة محلقا في الفضاء من شدة الفرح والتأثر بهذا الحدث التاريخي. ورجوته في استعمالها لبعض الوقت أشفي بها غليلي فلم يمانع ولكنه نصحني بالاحتياط والانتباه الجيد.
ودخلت بالدراجة الأنهج والأزقة في أحياء دار الجلد والقصبة وباب سويقة والحلفاوين وكنت أسقط من حين لآخر لكن سرعان ما أنهض غير مبال لا ببعض الرضوض ولا بحرارة الشمس ولا بالجوع والعطش... وقد تعمدت المرور أكثر من مرة أمام ذلك اليهودي ملوّحا بعلامات الانتصار وضاغطا بقوة على «الناقوس».
وبينما كنت متباهيا برفع يدي عن المقود اذ بامرأة تقطع الطريق... وارتبكت... وعبثا حاولت تجنبها فقد صدمتها وسقطت على المعبّد وارتطم رأسي على الرصيف أفقدني الوعي للحظات وما أن فتحت عيني حتى وجدتها متمسكة بي وهي تصيح النجدة... النجدة... إنه كاد يقلتني والحال أنها لم تصب بأي أذى... بل أنا الذي تضررت وتمزق جزء من حذائي... ولم استطع الإفلات منها... واصفر لون بشرتي... وتوقعت الطامة الكبرى ونهايتي لو يعلم أبي بما يحدث... واجتمع الناس من حولي وتنوعت تعاليقهم الخبيثة والمدمرة للنفوس وكان يقودهم في الحملة المغرضة اليهودي والذي اقترح عليهم حملي إلى المركز. ولم تجد توسلاتي لها ولهم نفعا... وبينما أنا في حالة يرثى لها... حالة يأس قصوى ازداد فيها خفقان قلبي وتصبب العرق وجف الريق في حلقي اذ أرسل ا& إلي وسط هؤلاء الذئاب رجلا شهما وخلصني من ورطة لم أقرأ لوقوعها أي حساب، وبعد أن شكرته جزيل الشكر أسرعت نحو أبي الذي طال انتظاره والذي كاد من شدة الغضب أن يضربني لولا مراعاته للصيام وفرحته بالدراجة.
وبدون اطالة ودعته في «مدق الحلفاء» أي في محطة اللواجات سابقا بشارع الجزيرة بعد أن أركب هدية العيد التي سيفاجىء بها العائلة الحافلة الصغيرة للمرحوم محمد الهرقام وبعد أن حمل معه قفة كبيرة كلها حنة وكعك وحلوى وبعض الملابس واللوبان وبعد أن أمدنى بنصيبي منها وبقليل من المال.
ولم أنم ليلتي اذ كان تفكيري كله منصبا على الدراجة انتظر بفارغ الصبر حلول عطلة عيد الفطر وكنت أتمنى لو كنت على أبواب العطلة الصيفية.
وتمضي الأيام والسنون وكلما يطل شهر رمضان الذي أرجو أن يعم الخير فيه على المسلمين كلما تكون ورطة الدراجة في الحفصية في مقدمة الأحداث التي تختزنها الذاكرة... وتلك هي الحياة وكل شيء يزول وتبقى الذكريات.
المربي المتقاعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.