وجدناه لا زال تحت وطأة الصدمة المزدوجة ،بين موت صديقه بين يديه ونجاته من موت محقق بعد أن تجاوزته الرصاصة لتستقر برأس زميله. هو البحّار السيد رضا بن ساسي أصيل مدينة طبلبة مساعد ربان السفينة الذي شاء القدر أن يكون فريسة رصاص حرس الحدود البحرية الليبية التونسية، فمنذ رجوعه إلى أسرته لازم السيد رضا منزله في حالة نفسية سيئة، فلم يمّح ذلك المشهد المريع من عينيه والذي وصفه لنا بكل ما في نفسه من حسرة ومرارة قائلا: «أشتغل بالبحر بمنطقة جرجيس لأكثر من عشرين سنة في منطقة بحرية قريبة من الحدود ولكن مسموح بها قانونيا منذ أسبوعين كانت الأجواء المناخية متقلبة فبقينا محترزين من هذه التقلبات حيث تواجدنا في منطقة قريبة عما اعتدنا تبعد عن جرجيس قرابة 51 ميلا وبعيدة عن منطقة زوارة الليبية قرابة 42 ميلا ،وما إن توقفنا حتى سمعنا أشخاصا من مركب قريب منا يأمروننا بالتوقف فخفنا أن يكونوا من الكتائب أو من بعض العصابات فحاولنا الرجوع ولكن انهالوا علينا بوابل من الرصاص فانبطحنا على سطح سفينتنا وطلب مني ربان السفينة النطق بالشهادة بعد أن تأكد من أننا سنلقى حتفنا جراء كثافة الرصاص الذي كان موجها إلينا، وما هي إلا لحظات حتى تجاوزتني إحداها لتصيب الربان في رأسه فلم يجد وقتا لنطق أي كلمة حيث كانت الرصاصة قاتلة، ومن وقع الصدمة خرجت أصيح أوقفوا إطلاق النار لقد مات الربان ورفعت يدي ،حينها أَقبلوا لأخذي صحبة 22 بحارا كانوا موجودين في الطابق السفلي للباخرة وتم التحقيق معنا ولكن لم يتركوا لنا حتى فرصة للدفاع عن أنفسنا وتم احتجازنا ليلة كاملة في ظروف سيئة ومن الغد رجعنا إلى تونس وها أنا صحبة 22 عائلة معطلين عن العمل بسبب الأضرار التي لحقت الباخرة ونرجو أن لا يضيع دم زميلنا هدرا». كان ل«الشروق» أيضا اتصال بصاحب الباخرة الذي أكّد على عدم تجاوز باخرته القانون المسموح به وهو مكان تعوّد العمل فيه منذ عدة سنوات مناشدا السلط النظر في ملف القضية داعيا إياها إلى انصافه جراء الخسائر العديدة التي حصلت مضيفا بالقول «كل ما تم ذكره من تهم في خصوص ما حصل لنا على شاشة التلفزة ليس له أي أساس من الصحة فهي تهم ملفقة وباطلة».