ذكر الأستاذ توفيق الشماري رئيس الشبكة الوطنية لمقاومة الفساد والرشوة ورئيس الائتلاف التونسي للشفافية والنزاهة ل «الشروق» حول امكانية استرجاع الأموال المنهوبة عمليا أنه لاسترجاع هذه الأموال تم تكوين أربع لجان وهي لجنة تقصّي الحقائق ولجنة المصادرة ولجنة استرجاع الأموال المنهوبة ولجنة التصرف وتعنى لجنة استرجاع الأموال المنهوبة بالأموال المودعة بالخارج وتقوم بطلب المصادرة في مدّة محدّدة تقوم فيها بالاجراءات اللازمة لاسترجاعها مما يتطلّب أمورا تقنية دقيقة وتختلف حسب قوانين كل بلد أودعت فيها هذه الأموال... وهذه المسائل التقنية يتكفل بها المختصون... لاسترجاع الأموال. أما باقي اللجان فتعنى بما تم نهبه في الداخل، لكن من موقعي لابد أن أنبه الى المسكوت عنه الى حد الآن وهو ما أفرزه هذا النهب في بلادنا من تكوين شبكات تبييض أموال لم يتم الحديث عنها بما في ذلك شبكات ترويج المخدّرات ورؤوس هذه الشبكات في السجن أو في الخارج لكنها مع ذلك مازالت تنشط وتنفّذ المعلومات التي تصلها... وهي المتسببة مباشرة في ما يعيشه التونسي من غلاء في المعيشة.
وأضاف محدّثنا أن النهب انجرّ عنه أيضا التواطؤ الذي نشأ بين بعض العاملين في الادارة مع رجال الأعمال فمازال البعض في الادارة يطبقون أوامر بعض رجال الأعمال الذين استفادوا من النظام السابق واليوم «قلبوا الفيستة» وأصبحوا «شرفاء» بتمويل حزب معين. سألنا مصدرنا هل أنه يقصد حزب النهضة فأجاب ليس لديّ مشكل مع هذا الحزب لكن فئة رجال الأعمال التي أتحدّث عنها أصبحت أكثر قوة ولم يتوان أحدهم عن القول أنه يوظّف بعض وسائل الاعلام لحسابه.
وذكر مصدرنا بأنه كان بودّي لو تم التعرّض اليوم في الندوة الى الحديث عن شبكات تبييض الأموال وعلاقتهم بعصابات وشبكات الأموال المنهوبة لكن هذا لم يحدث. ووضّح محدّثنا أن تبييض الأموال متأت من العمولات المتأتية من النفط وعمولات تجارة السيارات والزيت. كل تلك العمولات والبضائع التي تدخل وتخرج من البلاد لو تم تتبع أثرها «traçabilité» حتى نجد آثار الأموال المنهوبة في الخارج والشبكات التي تمرّ بها وتؤمّنها لكن كل هذا لم يحدث مما جعل استمرار الفساد وتهريب أموال قد يكون متواصلا.
والحل حسب محدّثنا هو في العدالة الانتقالية حتى لا يتحوّل المجرم الى ملاك والملاك الى مجرم، لكن السيد الشماري لا يعتقد «أن العدالة الانتقالية آتية لأن العدالة هي ركيزة لكشف الحقيقة والشفافية ويصعب تحقيقها».
سألنا مصدرنا باعتباره رئيس الشبكة الوطنية لمقاومة الفساد والرشوة عن مدى نجاح تونس في الكشف عن الفساد فأجاب بأن وزارة الحوكمة أعدّت برنامجا سيقدم يوم 9 ديسمبر 2012 لمكافحة الفساد ستشارك فيه الحكومة وأطراف من المجتمع المدني وممثلون عن القطاع الخاص والعام وتم ضبط قوانين داخلية تتماشى مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها وذلك من أجل تحقيق الشفافية والنزاهة التي وحدها قادرة على محاربة الفساد الماضي والحاضر. فالردع وحده غير قادر على مقاومة الفساد لابد من الوقاية لتجنبه مستقبلا.