شهدت جلسة المجلس الوطني التأسيسي مساء أمس مشادات كلامية اضطرت رئاسة المجلس الى رفع الجلسة حتى تهدأ الأوضاع وذلك على خلفية تقديم رئاسة الجمهورية لقرار تعيين محافظ جديد للبنك المركزي مؤرخ في يوم 11 جويلية. وبدأ التوتر يسود أروقة المجلس مباشرة بعد الاعلان عن فحوى جدول عمل الجلسة وتوزيع قرار تعيين المحافظ الجديد حيث اعتبر عدد من النواب انه اعتداء على شرعية المجلس ومصداقيته ويتجاهله بصورة علنية بتأريخه قبل يوم موافقة المجلس على اقالة النابلي، وتجمع نواب المعارضة خارج قاعة الجلسة التي عقدت أخيرا بعد أكثر من ساعة من التأخير في انتظار حضور المحافظ «الجديد» الشاذلي العياري.
وعند العودة الى القاعة اختار النواب المعارضون للقرار الجمهوري الاعلان مباشرة عن رفضهم له وللشكل الذي ورد فيه ولم يجد رئيس المجلس مفرا من الاستماع الى النواب الغاضبين وبدأ بتوزيع الكلمة عليهم.
وفي هذا الصدد قال ابراهيم القصاص «سيدي الرئيس بالأمس فقط أقلنا المحافظ القديم واليوم توزعون علينا قرار تعيين المحافظ الجديد المؤرخ في 11 جويلية ... المجلس هو السلطة العليا في البلاد وانت مطالب الآن بتقديم استقالتك كان هناك محافظان للبنك خلال الأيام الماضية».
ومن جانبه طالب زياد العذاري أيضا بسحب القرار ومطالبة رئاسة الجمهورية بتقديم نص آخر يحترم الشكليات المطلوبة لتمريره على المجلس. وواصل النواب تدخلاتهم في هذا الاطار وبنفس الاتجاه حتى تدخل النائب صالح شعيب الذي اعلن انه سينسحب من الجلسة اذا ما تمت مناقشة هذا القرار وقد بدا عليه التشنج والتوتر حتى انه وجه كلمات اعتبرها البعض لا تليق بالمجلس وحاول بعض النواب تهدئته وهو يغادر القاعة.
كما ظهر موقف رئيس كتلة التكتل بين جملة المواقف حيث جاء مؤيدا لموقف المعارضة بل انه اعتبر ان مثل هذه القرارات لا يمكن تصورها الا في زمن بورقيبة أو زمن المخلوع مشيرا الى ان القرار تم دون الأخذ بعين الاعتبار مشاورات المجلس الوطني التأسيسي.
وكان من المفترض ان الوفاق بدأ يكبر بين مختلف الكتل حول ضرورة رفض مناقشة القرار لكن جاء تدخل النائب محمود البارودي ليفجر أزمة جديدة حيث قال «سيدي الرئيس نفاجأ كالعادة بقرار جمهوري أقل ما يقال عنه انه صادر عن رئيس الجمهورية المفدى في جمهورية الموز» وقد انتفض النواب عند هاته الكلمة وملؤوا القاعة ضجيجا بالضرب على الطاولات ثم تحولت المسألة الى مشادات كلامية بين النائب وعدد من نواب المؤتمر والنهضة الذين طالبوه بسحب كلمته وأمام اصراره واصرار باقي النواب على المضي في النقاشات قرر بن جعفر رفع الجلسة الى ان تهدأ الأوضاع.
وبينما كان النواب يناقشون كلمة البارودي خارج القاعة وداخلها عقد رئيس المجلس اجتماعا طارئا برؤساء الكتل وتم الاتفاق في ما بينهم على ان يتم رفض قرار رئيس الجمهورية ومطالبته بقرار آخر يحترم المجلس.
ومع العودة الى قاعة الجلسة أعلن بن جعفر عن قرار مجلس الكتل كما قام النائب محمد الحامدي رئيس الكتلة الديمقراطية بتوضيح مقصد زميله محمود البارودي من كلمة «جمهورية الموز» مؤكدا انه قصد الجمهورية التي لا تحترم المؤسسات وانه يعتذر لمن فهم غير ذلك.
وفي هذا الصدد اعتبر حبيب خضر ان الاعتذار الذي قدم جاء مبطنا وانه كان يتوجب على البارودي ان يعتذر بنفسه، فيما اكد ان التنظيم المؤقت للسلط العمومية لا ينص على عرض قرار جمهوري على المجلس وانما مراسلة تعيين لا تحمل تاريخا وتفيد بان رئيس الجمهورية قد قرر تعيين فلان في المكان الفلاني «هذا ما يجب ان يحدث فلماذا ندخل أنفسنا في مشاكل جانبية»؟.
وعلى صعيد آخر أكد ابراهيم القصاص خلال العودة الى قاعة الجلسة انه تلقى تهديدا من قبل مستشار الرئيس بسبب مطالبته باقالته. وتواصلت الجلسة بمناقشة توقيت العمل في شهر رمضان حيث ستصبح الجلسات العامة تعقد صباح يوم الاثنين وحتى منتصف النهار فيما تعقد اللجان مساء وتواصل أشغالها في باقي أيام الأسبوع لفترة صباحية فقط.