تعد مدينة باجة،موطنا أصليا في صناعة المخارق، فهي بمثابة العلامة المميزة التي قد لا تجدها بنفس المواصفات في الصنع في غيرها من المدن. وتصنع المخارق من مادة السميد ثم توضع في الزيت الساخن ويضاف إليها السمن العربي وتخلط بزيت الزيتون ويكون مذاقها كثير الحلاوة بما يكفي ليسيل لعاب الصائمين. ولا تكاد تخلو مائدة من الموائد الرمضانية التونسية من المخارق الباجية حتى أصبحت سوق هذه الحلويات قبلة الزوار من عدّة ولايات.
لم تكن المخارق في باجة أكلة محليّة بل إن جنديا تركيا عاش في المدينة وخلال إقامته بها التقى احدى العائلات الباجية وأعد المخارق والزلابية فاستحسنها أفراد العائلة وطلبوا منه أن يعلمهم تلك الصناعة، وتمكنوا من إتقانها وتوارثوها لقرون من الزمن أبا عن جد.
والآن وبمجرد أن تدخل نهج خير الدين أو ما يسمّيه الباجية «باب الجنائز» تكتشف أن هذه الحلويات لها مكانتها هناك وقد برعت فيها بعض العائلات حيث أنّه من الصّعب على الآخرين مجاراتهم في ذلك مثل أهل غمراسن الّذين تعلّموا صناعة المخارق ثمّ تحوّلوا إلى باعة قارّين في باجة بالذات.
وتقدّم عدّة محلات أنواعا جيّدة من المخارق والزلابية بنكهة السمن العربي والعسل مثل «بوتفاحة الأحرش» و«عبد الباقي الحداد» و«عبد الرزاق المرساوي» و«علي عكاز» و«بالشريفة»، وغيرهم حيث أصبحت تلك الحلويات علامة تميّز المدينة وتميّزهم.
عن المخارق في باجة، قال بوتفاحة الأحرش، أحد مشاهير صناع المخارق: إن مهنة صناعة وبيع المخارق والزلابية متوارثة عن العائلات فعائلة بالشّريفة يعمل أبناؤها في هذا المجال منذ ما يزيد على 150 سنة.
أمّا بالنّسبة لي فقد فتحت عيني داخل محل والدي وحفظت المهنة. وأضاف أنّ سرّ مخارق باجة يكمن في مكوّنات العجينة الّتي تجمع بين القمح الصلب والقمح اللين، وذلك بحساب الثلثين للفارينة (قمح لين) والثلث للسميد (قمح صلب) وفي الاعتماد على السمن العربي بحيث يجب أن لا يقل عمر السمن عن السنة حتى يعطي نكهة مختلفة للمخارق والزلابية،ودليله في ذلك تغير لونه من الأصفر إلى الأبيض.
وقال عبد الرزاق المرساوي إن ممارسة مهنة صناعة المخارق داخل عائلته تعود إلى سنة 1910 في نفس المحل الذي يشتغل به الآن والموجود بالمدينة العتيقة بمدينة باجة وهي تتطلّب كثيرا من الصّبر خصوصا في فصل الصّيف غير أنّ مشاهدة ابتسامة الحريف ورضاه عن منتوجنا ينسينا حرارة الطّقس.