أثار استعمال السيارات الإدارية للأغراض الشخصية استياء التونسيين على مدى السنوات الماضية وزادت الحادثتان اللتان وقعتا في الفترة الأخيرة من هذا الاستياء والمتمثلة في استعمال صهر سمير بن عمر لسيارته الإدارية دون وجه حق واستعمال ابن وزير الصناعة الحالي لسيارة والده وتعرضها لحادث. هذه الممارسات كان التونسي يعتقد أن المتنفذين في الدولة والوظيفة العمومية قد قطعوا معها ففوجئوا بتواصلها. «الشروق» فتحت ملف السيارات الإدارية والتجاوزات المرتكبة وكيفية مراقبتها وطرق إسنادها... وذلك من خلال هذا الحديث مع السيد عبد النور القرامي المنسق العام للفرق المشتركة لمراقبة السيارات الإدارية بهيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية.
73 ألف عربة إدارية
ذكر السيد عبد النور القرامي أنه إلى حدود جوان 2012 يبلغ عدد أسطول السيارات والعربات الإدارية 73 ألف عربة باستثناء السيارات الأمنية. ومن جملة هذه العربات لا تمثل السيارات الوظيفية سوى 3٪ أي ما يناهز 2150 سيارة تسند فقط إلى كتاب الدولة بالوزارات ورؤساء الدواوين والمديرين العامين للإدارات المركزية.
أما سيارات المصلحة ذات الاستعمال المزودج (مهني وشخصي بصفة ثانوية) فتسند لبعض الإطارات والمديرين والفنيين مقابل خصم المنحة الكيلومترية فعددها 3650 سيارة والنسبة الهامة للسيارات هي سيارات وعربات المصلحة التي لا تستعمل سوى للمصلحة ويمنع استعمالها بصفة شخصية أو دون تراخيص وأذون مسبقة وأسطول هذه السيارات يضم 67.200 عربة تقريبا وترتكب أغلب المخالفات في هذا الصنف.
خلط
وكثيرا ما يحدث خلط في ذهن المواطن بين هذه الأصناف الثلاثة التي يسمح في اثنين منها للموظف باستعمالها بصفة شخصية (الوظيفية وسيارات المصلحة المزدوجة) وقد علمت «الشروق» من مصادر مطلعة أنه لتجاوز هذا اللبس ينتظر أن يتضمن مشروع الأمر الجديد الذي سينظم استعمال السيارات الإدارية وسيعرض قريبا على المصادقة بأن يكون لكل صنف من هذه الأصناف لون مميز بالنسبة إلى لوحة تسجيل السيارة الإدارية وهي حاليا بيضاء مكتوبة بالأحمر. هذه الطريقة ستجعل السيارة المخالفة معروفة ويمكن التعرف عليها من المواطنين والمراقبين بسهولة مما سيقلص من التجاوزات.
غير قابل للنشر
نظّم الأمر عدد189 لسنة 1988 والذي تم تنقيحه في 92 ثم سنة 2005 شروط إسناد السيارات الإدارية إذ تمنح السيارة الوظيفية بقرار من رئيس الهيكل المعني (الوزير أو رئيس المؤسسة أو المنشأة العمومية) وينتفع بها الإطارات العليا التي لها رتبة كاتب عام وزارة أو مدير أو رئيس ديوان أو مدير عام إدارة مركزية أو مدير إدارة مركزية للمؤسسات والمنشآت العمومية ويمنح لمستعملي هذه السيارات بطاقة استعمال سيارة وظيفية حمراء والسواق إن وجدوا بطاقة صفراء سألنا محدثنا عن عدد السيارات الممنوحة للوزراء فأجاب بأن هناك أمرا غير قابل للنشر صادرا منذ سنوات حول الامتيازات المالية والعينية للوزراء وكتاب الدولة لكن مصادر أخرى غير رسمية ذكرت بأن للوزير الحق في سيارتين وسائقين أحدهما لاستعمال عائلته وامتيازات أخرى ووصولات بنزين.
سألنا السيد القرامي ما إذا كان أبناء أو أقارب الوزير لهم الحق في سياقة السيارة الإدارية الموضوعة على ذمة عائلته، فأجاب بالنفي ولذلك يتم تعيين سائق ولا يمكن قيادتها إلا من طرف المؤهل لذلك.
سألنا مصدرنا هل تم اتخاذ إجراءات معينة في خصوص حادثتي صهر بن عمر وابن وزير الصناعة فأجاب بالنفي موضحا أنه لم يتم ضبطهما خلال دوريات المراقبة بصدد قيادة هذه السيارات لكن في حال تم رصد أي مخالفة لابن وزير أو غيره يتم اتخاذ العقوبات اللازمة لكن ليس من صلاحيات المصلحة فتح تحقيق في حادثة صارت دون معاينتها سألنا مصدرنا هل تم تسجيل مخالفات في حق شخصيات هامة فأجاب «حجزنا سيارات ووثائق لشخصيات ورؤساء دواوين وكتاب دولة في عهد بن علي أيضا».
مراقبة أسطول الرئاسة...
ويضيف محدثنا أن هيئة الإدارة العامة تقوم حاليا ولأول مرة في تاريخ تونس بإجراء تفقد على التصرف في أسطول السيارات والعربات الإدارية برئاسة الجمهورية (مراقبة الأسطول والبنزين) وبمراقبة أسطول رئاسة الحكومة والإدارة العامة للسجون والإصلاح ووزارة العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان ووزارة التجارة وذلك بالتنسيق مع وزارة الإصلاح الإداري وبطلب من هذه المؤسسات ذاتها حتى يتم ترشيد استهلاك الأسطول والبنزين.
11 فريق مراقبة
تتكفّل فرق مشتركة بمراقبة السيارات الإدارية على الطريق ويوجد حاليا 11 فريق مراقبة يشرف على كل فريق منسق ويقوم منسق عام بإعداد برنامج تدخل هذه الفرق ويتكون كل فريق من 3 أعوان اثنان منهم من أملاك الدولة وعون أمن من الداخلية وتقوم الفرق بالمراقبة خارج الأوقات الإدارية وفي الأعياد والآحاد وليلا رغم عدم حصولهم على امتيازات مادية لذلك حسب مطالبهم.
451 مخالفة!
رغم كثرة الحديث عن تعدد مخالفات مستعملي السيارات الإدارية واستعمالها لنقل الأهل للشواطئ والأعراس ولنقل الحيوانات أحيانا إلا أن الأرقام لا تعكس هذه الحقيقة التي يراها التونسي ويعيشها يوميا.
فخلال 95 نسبة المخالفات كانت 40٪ وفي 2010 تم مراقبة 46300 سيارة منها 2216 مخالفة بنسبة 4.8٪ وفي 2009 نسبة المخالفين 5.4٪ (2521 سيارة).
لكن في 2011 و2012 تمر المراقبة بظروف خاصة ككل البلاد نظرا لتلف عدد هام من سيارات الأمن التي تنقل فرق المراقبة لذلك تراجع نشاطها ففي 2011 تمت مراقبة 11150 سيارة ولم يتجاوز عدد المحاضر والمخالفات 451 مخالفة 4.1٪ وفي السداسي الأول للسنة الحالية كانت نسبة المخالفات مشابهة للسنة الماضية. أما المخالفات فهي متنوعة لكن جلها متعلق بعدم الاستظهار ببطاقة استعمال سيارة وظيفية (للموظف أو السائق) أو الانتفاع دون موجب قانوني ببطاقة سيارة مصلحة بصفة قانونية لأغراض شخصية... وبالنسبة إلى سيارات المصلحة غياب الإذن بالمأمورية أو غياب دفتر سيارة أو استعمال سيارة مصلحة خارج أوقات العمل...