يحتل مالك بافريقية وبلاد المغرب العربي مكانة مهمة، فقد انتشر المذهب المالكي بافريقية بفضل علماء أعلام هاجروا الى المدينة للقاء مالك والأخذ عنه منهم عبد ا& بن غانم، كان مالك يجلّه وإذا جاءه أقعده الى جنبه ويسأله عن أخبار افريقية والمغرب، وإذا رآه أصحابه قالوا: شغله المغربي عنا ويقال إن مالك عرض عليه أن يزوّجه ابنته ويقيم عنده فامتنع من المقام وقال له: إن أخرجتها الى القيروان تزوّجتها، وبعد رجوعه الى القيروان تولّى القضاء سنة 171 ه الى وفاته سنة 190 ه أي تولى قضاء المغرب العربي ما يناهز العشرين سنة. ومن تلامذة مالك الذين أخذوا عنه مباشرة عبد ا& بن فرج كان مالك يكرمه ويعظمه، حينما رآه مالك قادما من افريقية تلقاه بالسلام وقام وكان لا يكاد يفعل ذلك بكثير من الناس.
وكان ينعته لتلامذته بقوله: هذا فقيه المغرب، وكان ابن فروخ يجيب عن المسائل الفقهية في محضر مالك بطلب منه، وكان بن فروخ على اتصال دائم بمالك، يراسله ويعلمه بما يجد من أحداث في القيروان، وكان يناهض أهل الأهواء يردّ عليهم ويكشف عن طغيانهم وانحرافهم عن السنة النبوية.
ومن العلماء الذين كان لهم الأثر الكبير في انتشار المالكية في المغرب نذكر البهطول بن راشد المتوفى سنة 183 ه حتى أنه عرف بأنه وتد من أوتاد المالكية بالمغرب، وكان يقاوم أهل الأهواء ويناهضهم.
لقد ارتحل هؤلاء العلماء من افريقية والمغرب للقاء مالك، وعانوا في أسفارهم للأخذ عنه، وحين رجعوا الى القيروان شرحوا كتاب مالك «الموطأ» ولخصوه ونشروه بين الطلبة بالقيروان والقادمين من المغرب والأندلس وجنوب الصحراء حتى انتشر هذا المذهب في الآفاق، وكانت أجيال من العلماء تكونت في المذهب المالكي، الجيل الأول ممّن ذكرناهم، أخذوا مباشرة عن مالك والجيل الثاني أخذ عن تلامذته بمصر مثل الامام سحنون. فكانوا تلامذة المذهب النجباء. دوّن سحنون المدوّنة، وكتب عبد ا& بن أبي زيد الرسالة المنتشرة في المشرق والمغرب، ومن مشاهير علماء المذهب المالكي محمد بن سحنون وأبو الحسن القابسي. يتبع