يعتبر القانون الحالي الذي ينظم تجارة الذهب سواء في الاستيراد أو التصدير متشددا مع تجار «المصوغ» حسب الدراسة الأخيرة لمكتب «أوميقا للدراسات»... حيث يمثل عائقا إداريا أمام الحرفيين التونسيين على أرض الواقع ولا يمكنهم من تصدير مصوغهم بسهولة. أدى ارتفاع سعر الذهب التونسي وايقاف آلات صناعته وانخفاض نسبة حصة كل صائغ من الذهب الخام وصعوبة التوصل إلى المادة الأولية وبطء الإجراءات الادارية والديوانية إلى تراجع رغبة المصاغات الأجنبية في الاستثمار بتونس وأمام هذا الكم الهائل من الصعوبات والتعقيد عجز التونسيون عن التصدير وذلك حسب نفس الدراسة.
سرقة 3.500 مليم على كل غرام...
قيمة السرقة في كل غرام ذهب تبلغ تحديدا 3 آلاف وخمسمائة مليم فتخيلوا لو كانت السرقة على كل قطعة ذهب تقدر ب 5 غرامات يعني 17 ألفا وخمسمائة مليم» هكذا قال محمد القسطنطيني رئيس غرفة أصحاب مصانع المصوغ.
كما أضاف القسطنطيني «قطاع الذهب» يشهد عديد التجاوزات الخطيرة وللعلم وعلى مسؤوليتي 50 ٪ من الذهب مغشوش بتونس بما معناه عوض بيع قطعة ذوق «18» يبيعك بعض التجار ذوق «14» وهم كثر وقطاعنا مليء بهم وحاولنا عديد المرات الحدّ من هذه الظاهرة ولكن لا حياة لمن تنادي والخاسر الأول هو «التاجر النظيف» الذي يجد نفسه أمام حالتين لا ثالث لهما وهو أن يصبح «سارقا» أو يغلق محله.
المادة الأولية
كما أكد رئيس غرفة أصحاب مصانع الذهب على ضرورة توفير المواد الأولية لصناعة المجوهرات في تونس قائلا : «قطاعنا يحتاج إلى تحرير تجارة الذهب وتوفير كل الظروف المناسبة له كما في البلدان المغاربية مثل ليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا وتركيا التي أتذكر في سنة 1980 أني أول من علّم أكبر صاحب مصنع ذهب هناك، فقد كنا متقدمين في هذا المجال ولكن الإجراءات المحيطة بنا جعلتنا نتراجع كثيرا مقارنة بباقي دول العالم. ونحن أيضا نملك يد عاملة ممتازة في صناعة المجوهرات بكامل أنواعها .
صائغون في السجون
«بسبب تهريب الذهب وتدليس كميات منه في صنع المجوهرات يتواجد عدد لا بأس به من الصائغين والحرفيين في السجون» هذا ما قاله رئيس غرفة أصحاب مصانع الذهب مضيفا «لولا الإجراءات الصارمة التي كبلت الصائغين لما اضطر عدد منهم لتهريب الذهب في الوقت الذي كنا قادرين فيه على المتاجرة بالذهب بصفة علنية وبلا خوف وقيود.
وعن علاقة أصحاب المصانع المختصة في صناعة وتحويل الذهب بالصائغين الصغار قال القسطنطيني «كلمة صاحب مصنع تحدث بلبلة لدى صغار الصائغين والحرفيين لأنهم يعتبروننا «غولا» سنبتلع السوق وهذا غير صحيح وكلنا نتكامل من أجل هذه التجارة».
كما صنف أيضا مصانع الذهب إلى ثلاثة أصناف وهي معامل الذهب الكبرى وعددها 10 تتواجد كلها في صفاقس وأخرى متوسطة ويبلغ عددها 50 مصنعا ثم النوع الأخير الذي يشمل الصائغين الذين يشغلون عددا صغيرا من الحرفيين.
مثال حي
كما ذكر مكتب «أوميقا للدراسات» أن صاحبته سنية بن مراد رئيسة الغرفة الجهوية لسيدات الأعمال زارت مصنع مجوهرات إيطاليا بتونس لمالكه «مارششي» وعبر لها عن مدى الصعوبات التي تعرض لها لكي يبعث مصنعا على الأراضي التونسية وأكد لها أن تونس تعتبر البلد الأكثر إثارة لإهتمام الصائغين الإيطاليين الراغبين في بعض مصانع هنا.
حلول
وعن الحلول للخروج من أزمة قطاع المجوهرات وصناعة الذهب اقترح القسطنطيني رئيس غرفة مصانع الذهب ضرورة القيام بحملات توعية للمواطن من جهة لكي لا يقع غشه والصائغ من جهة أخرى وأصحاب المصانع وذلك عن طريق وسائل الاعلام ودعا أيضا الحكومة إلى ضرورة تسهيل الإجراءات المتعلقة بهذه التجارة في حين اقترحت «بن مراد» فتح الأسواق أمام التصدير وتشجيع الشركات التونسية والأجنبية على مزيد النهوض بهذا القطاع وأيضا تنظيم معارض دولية كما تفعل تركيا الرائدة في هذا المجال.
الطابع المزور وعمليات الغش في صناعة الذهب وغيرها من المشاكل التي أنهكت أهم قوة اقتصادية في تونس ومازال هذا الملف سيفتح في حلقات قادمة لكشف عديد التجاوزات فيه والتي تعتبر «خطيرة ومهددة» لصناعة «الذهب والمجوهرات»