أعادت دائرة الاستئناف بالمحكمة الابتدائية بتونس مؤخرا إلى أحد قضاة التحقيق ملف قضية كهل كان أدين ابتدائيا بتهمة تدليس صكّ بنكي ونال تبعا لذلك حكما بالسجن مدة خمس سنوات. ود رأت دائرة الاستئناف أن بعض الغموض يلف بالقضية وأنه من الصالح إزاحته بالمزيد من التحقيقات. اطلقت وقائع هذه القضية حين تقدم شيخ في الثمانين من العمر تقريبا بشكوى مفادها ان سيارته تعرفت للسرقة وأنه فقد منها مجموعة صكوك بنكية، وقد تولت احدى فرق الأبحاث الاقتصادية مهمة البحث والتحري في هذه الشكوى وتمكنت من ضبط أحد الصكوك المسروقة كانت وكالة لكراء السيارات قد تسلمته من حريف وحولته إلى حسابها دون العلم بمصدره حسب افادة موظف الوكالة. 50 جبة مقابل صك قادت البيانات المسجلة لدى وكالة السيارات المحققين إلى المظنون فيه وهو كهل يبلغ عمره 37 سنة فتم ايقافه وجرى التحقيق معه حول كيفية الحصول على الصك، فأفاد أنه يعمل تاجرا متجولا وقد كان ذات يوم في مدينة قصر هلال يباشر عمله حين تقدمت منه امرأة ورجل واشتريا منه 50 جبة ودفع له الرجل مقابلها صكا ضمنه مبلغ 500 دينار ثم أمضاه دون أن يدوّن عليه اسم المستفيد، فلم يستطع التاجر الرفض لأن الصفقة كانت مغرية كما أنه لم يسأل كثيرا لأنه أمّي ويجهل أصول التعامل بالصكوك، وأنكر تماما أن يكون قد سرق أو دلّس الصك. تمسك المظنون فيه بأقواله لدى احالته على قاضي التحقيق ونفى التهمة عنه فأحيل على احدى الدوائر الجنائية بتهمة الاستيلاء على لقطة وتدليس واستعمال مدلس فأدانته المحكمة وقضت بعقابه مدة 5 سنوات سجنا. «تضارب في الأقوال» قام المتهم باستئناف الحكم لدى دائرة الاستئناف بتونس التي نظرت في القضية في جلسة تمسك خلالها بأقواله وسانده لسان الدفاع موضحا ان عدة ثغرات قانونية واجرائية نشوب ملف القضية وتتمثل في عدم اجراء اختبار على خطّ زاعم الضرر خاصة وقد تبيّن أنه يمضي بامضاءات مختلفة في كل مرة واستدل على ذلك بامضاءات محاضر البحث، كما لم يقع عرضه على المتهم لاجراء المكافحة بينهما، ولم يقع سماع موظف وكالة السيارات. وأشار لسان الدفاع إلى تضارب أقوال فاقد الصكوك الذي أفاد لدى باحث البداية أنه فقد 25 صكا لكنه تراجع لدى قاضي التحقيق وأنزل العدد إلى 5 صكوك فقط. وفي النهاية طالب لسان الدفاع باجراء تحقيق حول الوضعية المالية لزاعم الضرر ونبّه إلى مسؤوليته المعنوية في هذه القضية متسائلا عن حقيقة تغيّبه (زاعم الضرر) عن الجلسات وتهربه من مواجهة المتهم الذي لا يعدو أن يكون سوى ضحية للجهل وقلة المعرفة، ورجا من هيئة المحكمة نقض الحكم الابتدائي والقضاء مجددا بعدم سماع الدعوى خاصة وان نتيجة الاختبار الذي أجرى على خطّ المتهم لا تدينه. لكن المحكمة قررت بعد المفاوضة إحالة ملف القضية على أحد قضاة التحقيق لاعادة البحث.