قال تعالى: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 42). الآية وردت في سياق خطاب بني إسرائيل، وهي عطف على قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} (البقرة:40)، وجاءت الآية انتقالاً من غرض التحذير من الضلال، في قوله تعالى:{وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (البقرة:41)، إلى غرض التحذير من الإضلال، في قوله تعالى: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ}.
واللَّبس في اللغة، بفتح اللام: الخلط؛ وهو من الفعل (لَبَسَ) بفتح الباء؛ يقال: لَبَست عليه الأمر ألبسه: إذا خلطت حقه بباطله، وواضحه بمشكله، ومنه قوله تعالى: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} (الأنعام: 9) ويقال: في الأمر لُبسة، بضم اللام، أي: اشتباه . واللِّبس، بكسر اللام، من الفعل (لَبِسَ) بكسر الباء: هو لبس الثوب ونحوه . والحق: الأمر الثابت؛ من حَقَّ، إذا ثبت ووجب، وهو ما تعترف به سائر النفوس، بقطع النظر عن شهواتها .
والباطل: ضد الحق، وهو الأمر الزائل الضائع؛ يقال: بطل بُطلا وبطلانًا، إذا ذهب ضياعًا وخسرًا، وذهب ماله بُطلاً، أي: هدرًا .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} أي: لا تخلطوا الصدق بالكذب؛ وعن أبي العالية قال: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} لا تخلطوا الحق بالباطل، وأدوا النصيحة لعباد الله في أمر محمد صلى الله عليه وسلم.