يخترع بعض المغرمين بالروايات الضعيفة، والحكايات الاسرائيلية المصطنعة صورة عجيبة غريبة لفتنة سليمان التي أشار إليها القرآن الكريم إشارة خاطفة في قوله تعالى: {ولقدْ فَتنَّا سليمان وألقينا على كُرسيه جسداً ثمّ أناب..} ويحكون بعض الخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان حول (خاتم سليمان) وأنه كان يلبس الخاتم فيحضر إليه الجان والعفاريت ثم إن الخاتم ضاع وألقي في البحر ففقد سليمان ملكه، وجلس الشيطان بدل سليمان على كرسي الملك إلى آخر ما هنالك من أباطيل تتنافى مع الرسالة والنبوة ولا يقبلها عقل ولا نقل، وقد ردها المحققون من العلماء كابن كثير، والفخر الرازي، والبيضاوي وغيرهم من العملاء الأجلاء. قال ابن كثير: وقد أورد بعض المفسرين آثاراً كثيرة عن جماعة من السلف، وأكثرها أو كلّها متلقاة من الإسرائيليات وفي كثير منها نكارة شديدة.
ولعلّ (الفتنة) المذكورة في الآية الكريمة يقصد بها فتنة في جسده، حيث أنّ سليمان ابتلي بمرض شديد نحل منه وضعف، حتّى صار لشدّة المرض كأنّه جسد بلا روح {ثمّ أناب}، أي رجع إلى حالة الصحّة وهذا ما اختاره الفخر الرازي من الوجوه التي ذكرها. أو المراد فتنته بكلمته الّتي قال فيها لأطوفنّ على مائة امرأة كلّ واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، ولم يقُل إن شاء الله، فطاف عليهنّ فلم تحمِل إلاّ امرأة واحدة منهنّ بشق رجل (أي نصف إنسان) فوضع على كرسيه، فلمّا رأى ذلك، رجع وأناب إلى الله.. والحديث مروي في الصحاح، وقد مال إلى هذا الرأي البيضاوي والنسفي وغيرهما.
وعلى كل حال فإن ما ورد في قصة الخاتم كله باطل وبهتان وقد قال النسفي رحمه الله: (وأما ما يروي من حديث الخاتم والشيطان وعبادة الوثن في بيت سليمان عليه السلام فمن أباطيل اليهود).