تحتضن تونس اليوم وعلى مدى ثلاثة أيام ورشة ليبية تهدف الى متابعة وضعية الليبيين المقيمين بتونس منذ الثورة والبحث في سبل اعادة إدماجهم في المجتمع إضافة الى تناول مسألتي العدالة الانتقالية ومحاسبة المتورطين في جرائم قتل أمام القضاء الليبي. «الشروق» التقت السيد عبد القادر قزة مدير مكتب حقوق الانسان والقانون الدولي في ليبيا وأجرت معه الحوار التالي :
كيف تقيمون الاستحقاق الانتخابي الذي شهدته ليبيا مؤخرا؟
لقد كان الاستحقاق الانتخابي مفاجئا للجميع وللعالم بأسره نظرا لما أتت به الانتخابات من نزاهة وشفافية وصندوق الاقتراع أفرز نتاذج مرضية للجميع ولم يشوبها أي توترات فقط طرأت مشاكل بسيطة ومتوقعة وقد باغتت كل الليبيين نظرا لموضوعيتها.
ماهو الغرض من انجاز الورشة وهل يمكنكم التعريف بها وأهم أهدافها؟
هذه الورشة تحمل شعار نعم للعودة الى الوطن وتنحصر أهدافها في ثلاثة أهداف أساسية تتمثل في رصد الحالة المعيشية لليبيين الذين توافدوا على تونس منذ اندلاع ثورة 17 فيفري مع البحث عن آليات لإعادة ادماجهم في المجتمع الليبي ثم البحث في العدالة الانتقالية ومحاكمة ومحاسبة كل المتورطين في جرائم قتل وتقديمهم إلى القضاء الليبي وفق معايير تضمن لهم محاكمة عادلة وعموما تهدف هذه الورشة الى تقييم مدى مراعاة حقوق الانسان لليبيين في تونس
هل لاحظتم انتهاكا أو تجاوزا أو خرقا في ما يتعلق بحقوق الانسان في ليبيا؟
طبعا أكيد يوجد انتهاكات وذلك نتيجة طبيعة لأي ثورة لاسيما عندما تستقيل سلطات الدولة عن تحقيق دورها وما ينجر عن ذلك من انفلات وفوضى خاصة مع خروج العديد من المساجين وانتشار كافة أنواع الأسلحة في كل المناطق وهي انتهاكات فردية لم تكن نتيجة لعمل منظم وعموما فقد تصدت الحكومة الجديدة الى مقاومة كل أشكال الانتهاكات الموجودة في ليبيا من الناحية التشريعية باصدار القانون رقم 38 الذي يعطي مهلة بستين يوما لكل من وزيري الدفاع والداخلية لتحقيق العفو العام واطلاق سراح المساجين السياسيين وقد كان هذا الحيز الزمني يمتد إلى 12 جويلية 2012 كحد أقصى إضافة إلى الإجراءات التنفيذية من خلال إعداد لجان وتشكيلها لمقاومة كل الانتهاكات التي كانت موجودة ولكن الإرادة السياسية كانت موجودة أيضا وتحاول التصدي لها بكل الطرق.
بماذا تتسم الحياة السياسية في ليبيا وهل من الممكن أن تساعد الليبيين على تجاوز مخلفات ما بعد الأزمة؟
طبعا الحراك الليبي الذي تشهده ليبيا ظاهرة حضارية وقد حرم منها الشعب الليبي لأربعة عقود وأكثر، هناك اختلاف وتضارب في الاراء تصب جميعها لمصلحة الشعب وهذا النوع في الاراء من شأنه أن يصنع وينتج الديمقراطية ولعل ذلك ما كان يبحث عنه الشعب الليبي.
ماهي أولويات الحكومة الوطنية التي تشكلت منذ أشهر في ليبيا؟
إن من أولويات الحكومة مقاومة كل أشكال الانفلات الأمني باعتماد آلية تسليم الأسلحة وتحقيق العفو التشريعي العام والقضاء على المليشيات المسلحة والجماعات المتمردة التي تمّ تسليحها خارج نطاق القانون وبعد ذلك نتحدث عن البناء والتأسيس لأعمدة الدولة الحديثة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ماهي انتظارات الشعب الليبي من تشكيل الحكومة الجديدة؟ كتابة دستور جديد يحقق امال الليبيين في التنمية والأمن وتأمين البلاد من الداخل ومن الخارج.
هل من الممكن أن تساهم طبيعة الشعب الليبي المتسمة بغياب الثقافة السياسية الحزبية وتشتت المناطق الحضرية في توحيد صفوف الليبيين وفي بناء دعائم الدولة؟
انطلقت ليبيا اليوم من نظام سياسي أحادي مستبد لا يؤمن بالتعددية إلى نظام سياسي تعددي تجتمع فيه كل الألوان والاتجاهات كما لا أعتقد أن القبلية والعروشية من الممكن أن تؤثر في العمل السياسي ولعل الانتخابات السابقة خير دليل على ذلك فقد اجتمعت كل التيارات والائتلافات والايديولوجيات ولا ننكر وجودها أثناء اندلاع النزاع المسلح في ليبيا ولكن في الحراك السياسي الجديد لا وجود لمنطق القبيلة بل تجمعت كل الاتجاهات وتوحدت واقتنعت بما أفرزه صندوق الاقتراع ونحن نسير بخطى ثابتة ونسعى إلى ترسيخ وتأسيس لثقافة سياسية تعددية تجتمع فيها كل الألوان والأطياف السياسية والأمر ليس بالهين ويتطلب وقتا طويلا.
ماهي انتظاراتكم من هذه الورشة؟
مناقشة الملف الليبي عبر وسائل الإعلام المختلفة كما ننتظر توصيات ترفع للحكومة ووضع خارطة طريق يشرف عليها مختصون وخبراء في القانون الدولي.
ماهي رسالتكم إلى الشعب الليبي؟
يجب احتواء بعضنا البعض وتقبل الرأي والرأي الآخر توحيد الصفوف والإيمان بالتعددية وخاصة التمييز ما بين العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية وهما مهمان لبناء أسس الدولة الحديثة والعمل على الانتقال من حالة الانفلات والفوضى إلى حالة البناء والاستقرار.