ثمة اسطورة في الديانات الثلاث اسمها «معركة هارمجدون».. والاسم عبري مؤلف من مقطعين، هر أو هار: بمعنى جبل، ومجدون: اسم وادٍ في فلسطين يقع في مرج ابن عامر على بعد 80 كلم شمال تل أبيب و30 كلم جنوب شرق حيفا وعلى بعد 20 كلم من شاطيء البحر المتوسط، وتعرف تلته الآن باسم (تل المتسلم).. ماهو مكتوب ومتواتر في الديانات الثلاث ان هذه المنطقة ستشهد المعركة الفاصلة الاخيرة بين الخير والشر .. بين «الاله والشيطان».. وقد اتفقوا على حدوثها في اخر الزمان واختلفوا على النتائج . فلدى اليهود هي «معركة اليوم الأعظم للرب القادر» حسب النص (.. معركة شرسة مدمرة ستدور رحاها في ذلك الوادي).. ( ستشهد يوم حساب الرب لهذا العالم). وتقول قصص التوراة:إن عيسى ينزل من السماء ليهزم الأشرار ويعلن العصر الألفي السعيد.. حيث انه سيخوض معركة كبرى لصالحهم وسيحكم العالم ألف سنة وانهم سيعيشون آمنين مستقرين.. وفي سفر الرؤيا ان المسيح سوف ينزل من السماء ويقود جيوشهم ويحققون النصر على المسلمين.. واليهود هم أكثر تشوقاً لهذا اليوم الموعود الذي يسمونه «يوم الله»، والحركة الصهيونية تبنت ذلك طبعا حيث تحدث عنها مؤسس الحركة تيودور هرتزل.. وعندما اندلعت ازمة الخليج عام 1991 قال الزعيم الروحي لحركة (حياد) اليهودية (إن أزمة الخليج تشكل مقدمة لمجيء المسيح المنتظر) .. بل فسروا اشارة للتنين في التوراة بانه صدام حسين. ومع ذلك هناك يهود، وهم قلة،يؤمنون بالهزيمة حيث ورد في سفر أشعياء ( يقطع الرب من اسرائيل الرأس والذنب والنخل والأسد في يوم واحد).وهذه القلة اليهودية لديها حزب صغير في الكيان الصهيوني وترفض قيام الكيان وتجمع يهود العالم في فلسطين لان تجمعهم في وثائق الجماعة مؤشر الى نهايتهم. وفي سفر التثنية (يغضب الرب على أورشليم القدس، فثلث يموت بالوباء والجوع ويهلكون وسط المدينة، وثلث يسقط بالسيف من حول القدس، وثلث يذريه الرب في كل ريح).
وبالنسبة الى المسيحيين فأن المسيح عيسى عليه السلام سيحارب اليهود والمسلمين معا في هذه المعركة وبهذا المعنى قال رئيس القساوسة الانجليكانيين: (سيدمر الملك المسيح تماما القوى المحتشدة بالملايين للدكتاتور الفوضوي الشيطاني).
لكن في الانجيل ايضا (متى رأيتم جيوش العالم تحيط باورشليم فاعلموا ان افتقادها قد أتى، من كان على بيته فلا ينزل، ومن كان في الحقل فلا يرجع). ويؤمن الملايين من الامريكيين من المسيحيين الجدد(جماعة بوش) ان ظهور المسيح من جديد رهن بتجمع اليهود في فلسطين ولذلك يتطرفون في دعم الصهاينة.. وهو عندما يعود سيهزم المسلمين واليهود طبعا ويقيم العدل المسيحي على الارض.
واما لدى المسلمين فقد ورد ذكر لهذه المعركة بعد معركة اخرى لتحرير القدس.. وقد استند كثير من المفسرين ومن بينهم المرحوم محمد متولي شعراوي الى الآيات الكريمة من سورة الإسراء: {وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَْرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً} والآيات اللاحقة لها.. وتفسيرها ان الأولى (جاء وعد اولاهما) هي عندما أرسل الله عليهم عباده المسلمين خلال الفتح الإسلامي سنة 16ه، والثانية ستكون هزيمتهم على يد المسلمين أيضاً وسيكون ذلك في (هارمجدون ).كذلك يوردون احاديث نبوية كثيرة (مشكوك فيها حسب البعض) اشهرها قول الرسول الكريم «لا تقوم الساعة حتّى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتّى يختبىء اليهود من وراء الحجر والشجر» وقوله ايضا (يوم الملحمة الكبرى بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ).. ولدى الشيعة احاديث عن المعركة منسوبة لعلي كرم الله وجهه وبعض آل البيت. ولدى المسلمين ايضا ان ثلثهم يخون والثلث يقتل والثلث يحتفلون بالنصر.
باختصار الجميع يؤمنون بهذه المعركة وفي امريكا الرؤساء انفسهم يؤمنون بقربها مثل ريغان وبوش.. والصهاينة يدفعون لتقريبها حتى تقوم مملكة داوود.. ذكرت كل هذا وفي ذهني صورة ما يجري في الشام الان.. ثلث العرب ومعهم الاتراك منهزمون ومنحازون لصف العدو.. حشد عالمي مسيحي يقابله تحفز ايراني ومن حزب الله.. فهل هي مقدمات معركة (هارمجدون) ؟ مهما يكن فان معركة سوريا هي الفاصلة بحق بين ان يبقى العرب او ينتهون.. سواء كانت معركة هارمجدون أو معركة جبل قاسيون.