بوحجلة :استفادة 700 مواطن من القافلة الصحيّة بمدرسة 24 جانفي 1952    عاجل : أحمد الجوادى يتألّق في سنغافورة: ذهبية ثانية في بطولة العالم للسباحة!    عاجل/ القبض على صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء..وهذه التفاصيل..    سيدي بوزيد: تضرر المحاصيل الزراعية بسبب تساقط البرد    عارف بلخيرية مجددا على رأس الجامعة التونسية للرقبي    لا تفوتوا اليوم لقاء الترجي والملعب التونسي..البث التلفزي..    عاجل/ غرق طفلين بهذا الشاطئ..    نبض متواصل.... الرباعي يجدد العهد مع جمهور الحمامات    الأغاني الشعبية في تونس: تراث لامادي يحفظ الذاكرة، ويعيد سرد التاريخ المنسي    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    منوبة: رفع 16 مخالفة اقتصادية و13 مخالفة صحية    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    الالعاب الافريقية المدرسية: تونس ترفع حصيلتها الى 121 ميدالية من بينها 23 ذهبية    إيران: لم نطرد مفتشي الوكالة الدولية بل غادروا طوعاً    تحذيرات من تسونامي في ثلاث مناطق روسية    منزل بوزلفة:عمال مصب النفايات بالرحمة يواصلون اعتصامهم لليوم الثالث    عودة فنية مُفعمة بالحبّ والتصفيق: وليد التونسي يُلهب مسرح أوذنة الأثري بصوته وحنينه إلى جمهوره    فضيحة تعاطي كوكايين تهز ال BBC والهيئة تستعين بمكتب محاماة للتحقيق نيابة عنها    برنامج متنوع للدورة ال32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب بولاية سيدي بوزيد    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    إيمانويل كاراليس يسجّل رابع أفضل قفزة بالزانة في التاريخ ب6.08 أمتار    الجيش الإسرائيلي: انتحار 16 جندياً منذ بداية 2025    طقس اليوم الاحد: هكذا ستكون الأجواء    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    الإمضاء على اتفاقية تعاون بين وزارة الشؤون الدينية والجمعية التونسية للصحة الإنجابية    بلدية مدينة تونس تواصل حملات التصدي لظاهرة الانتصاب الفوضوي    دورة تورونتو لكرة المضرب: الروسي خاتشانوف يقصي النرويجي رود ويتأهل لربع النهائي    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    829 كم في 7 ثوان!.. صاعقة برق خارقة تحطم الأرقام القياسية    كلمة ورواية: كلمة «مرتي» ما معناها ؟ وماذا يُقصد بها ؟    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    درجات حرارة تفوق المعدلات    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    لجنة متابعة وضعية هضبة سيدي بوسعيد تؤكد دقة الوضع وتوصي بمعاينات فنية عاجلة    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    الحماية المدنية تحذر من السباحة في البحر عند اضطرابه رغم صفاء الطقس    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحفر في التأريخ التوراتي المزيف (24): انتهاء الدور الوظيفي العسكري لاسرائيل وبداية الشرق الأوسط كحل لأزمة الصهيونية
نشر في الشروق يوم 18 - 09 - 2009

لقد نشأت الصهيونية غير اليهودية، أو ما يعرف بصهيونية الأغيار في أوروبا البروتستانتينية في الوقت الذي لم تعرف فيه الولايات المتحدة الامريكية «المشكلة» اليهودية الا بعد أن بدأت الهجرة اليهودية الجماعية اثر الاضطهاد الذي تعرّضت إليه تلك الجماعات في روسيا القيصرية خاصة سنة 1881 وهي المرحلة التي يمكن اعتبارها مرحلة تشكل الصهيونية اليهودية في أوروبا. وقد تأثر الامريكيون في البداية بنظرة مارتن لوثر كينغ الذي اعتبرهم «قتلة لم تشرق الشمس يوما على شعب أكثر دموية وحقدا منهم». وكان الرئيس الامريكي (1732 1799) قد قال عن اليهود «إنهم يعملون ضدنا أكثر من جيوش العدو». لذلك فلقد دعا الرئيس الامريكي جون آدمز (1767 1848م) الى هجرة اليهود الى فلسطين.
تماثل الهجرة الى أمريكا مع الهجرة الى فلسطين
لقد اعتبر الدكتور اسماعيل ناصر العمادي أن البروتستانتية الامريكية أشدّ ميلا لليهود من البروتستانتية الأنقليزية رغم مواقف بعض الشخصيات الامريكية بسبب ما أسماه «التأثير العاطفي الناتج عن التماثل» ما بين المجموعات العبرية الاسرائيلية والجماعات الامريكية الاستيطانية.
فالرجل الابيض استوطن أرضا واسعة الحدود بعد ان قضى على أصحابها الاصليين، وهم الهنود الحمر، وبذلك حقق أو أسس لاسبقية تاريخية في افتكاك أرض ادّعى أنها لم تكن مأهولة بالسكان، وهي تشابه الذريعة التي قدّمتها التوراة في تأسيس الاسبقية التاريخية في فلسطين.
وقد ادّعى المؤرّخ التوراتي أن القبائل الغبرية هي أوّل من شكل كيانا سياسيا عسكريا اعتباريا في فلسطين وبذلك فإن دفاع العالم الغربي عن ادّعاء اليهود بأرض فلسطين، وهو دفاع مستبطن عن ادعائه باستيطان الرجل الابيض في أرض الرجل الاحمر.
أما البعد الديني فهو متأت من تشكيل الصهيونية المسيحية والاعتقاد بالعصر الألفي السعيد وعودة المسيح والذي كان له دور مهم في الحياة الدينية الامريكية، واستمر هذا الامر حتى يومنا هذا، متمثلا في طوائف المارمون والسبتيين وشهود يهوه...
وكان دور الصهيونية غير اليهودي هو تقديم الدعم المادي والمعنوي والسياسي والاعلامي للصهيونية الاستيطانية للاستيلاء على الأرض العربية وتهويد الحياة العامة في فلسطين.
رؤساء أمريكا
يعتبر الرئيس الامريكي ولسون (1913 1921م) الأكثر ايمانا بالأسطورة الصهيونية وهو الذي اعترف بوعد بلفور، وهو الذي أدخل الولايات المتحدة كشريك منافس لبريطانيا في تبني المشروع الصهيوني في فلسطين. على الرغم من أن الأغلبية اليهودية الامريكية كانت تعارض الصهيونية (اليهود غير الصهاينة) وتتبنّى فكرة الاندماج في المجتمع الامريكي.
وقد شهدت الفترة الثانية لرئاسة روزفلت تغييرا حقيقيا في العلاقة الصهيونية الأمريكية، وتحديدا بعد صدور الكتاب الابيض البريطاني الذي قيّد الهجرة اليهودية الى فلسطين. فقرّرت الصهيونية نقل مركز ثقلها من انقلترا نحو الولايات المتحدة هذا بالاضافة الى انتقال مراكز الثقل الاقتصادي ومحورية الامبريالية الرأسمالية من لندن الى واشنطن.
وبعد أن ثبتت بريطانيا زرع اليهود في فلسطين توخّى الصهاينة أسلوبا انتهازيا إذ أعلن بن غريون في مؤتمر بلتيمور سنة 1942 في نيويورك «أن اليهود لم يعد باستطاعتهم الاعتماد على الادارة البريطانية في تسهيل انشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين».
وقد أسس لاحقا الرئيس ترومان (1945 1949م) المعادلة الامريكية الصهيونية التي مازالت قائمة الى اليوم، ودخلت المعادلة الصهيونية اليهودية في اللعبة الانتخابية الامريكية.
وقد مثل الرؤساء الامريكان خاصة في ما بين الحربين العالميتين وما بعدها رأس الهرم الصهيوني، ويقول ترومان «إن ا& قد دعا المستعمرين الى الحرب،وقد لجأ الهنود وأحلافهم من القبائل الى التجمع وحمل السلاح لارتكاب الجرائم والآثام كما فعلت في أغلب الظن القبائل القديمة من العمالقة والفلستيين (Les filistins) الذين تحالفوا مع غيرهم في مواجهة اسرائيل» وهو نفسه يقول «ان المواطنين العرب لا يقلون عنادا ووحشية عن الهنود الحمر الامريكيين».
وقال جيمي كارتر سنة 1979م مخاطبا اليهود في الكنيست «إن شعبي كذلك أمّة مهاجرة ولاجئون وفدوا من شعوب مختلفة لبلدان عدّة... إننا نتقاسم (مع اليهود) ميراث التوراة».
أما رونالد ريغن (1981 1989م) فلقد كان يرى أن الصراع العربي الصهيوني هو الصراع الرمزي بين داود وجالوت، بحيث أن داود يمثل اسرائيل وجالوت يمثل الشعب العربي في فلسطين.
أما الرئيس الامريكي جورج وولكر بوش فلقد ردّد في المؤتمر السنوي لمنظمة إيباك سنة 2004، ما كان قد قاله كل من ترومان وجيمي كارتر حول التشابه والتماثل، بل والتطابق بين التاريخ الامريكي والتاريخ اليهودي.
أرض كنعان الملك الأبدي
كتب الباحثان الامريكيان جورج بول ودوغلاس بول «إن المسيحيين الانجيليين الذين يتجاوز عددهم اربعين مليونا في الولايات المتحدة، يشكلون قاعدة مؤيدة لاسرائيل،وينظرون اليها باعتبارها انجازا لتحقيق النبوءة التوراتية، ويعتقدون بأن المسيح سوف يظهر مجددا على الأرض بعد أن يكون اليهود قد بنوا دولتهم وجمعوا يهود العالم في هذه الدولة، وبنوا الهيكل الثالث».
وقد عرف عن الصهيونية المسيحية، أو غير اليهودية التزامها باقامة «وطن قومي لليهود» اكثر من اليهود الصهاينة انفسهم، وقد اعتقدوا بأن «الرب وعد الشعب اليهودي باعطائه أرض كنعان ملكا أبديا» واعتبروا بأن مدينة القدس (مدينة داود كما يزعمون) هي العاصمة الأبدية «لدولة» اسرائيل.
وقد حرّض المسيحيون البروتستانتيون المؤسسة الحربية الصهيونية على قتل العرب ونسف المسجد الاقصى ومسجد قبّة الصخرة الذي يقوم حسب اعتقادهم في مكان الهيكل اليهودي المقدس.
الحرب على الارهاب او معركة هارمجدون
ساهمت الأصولية المسيحية البروتستانتية على وجه الخصوص في تشكيل العقيدة الدينية للحرب الامبريالية على العالم الاسلامي، أو ما يسمى حسب وسائل الاعلام الغربية، بالحرب على الارهاب، وترى تلك العقيدة أن هذه الحرب سوف تحرّض من أجل الوصول الى معركة هارمجدون، وبالتالي مجيء المسيح، وإقامة «دولة» اسرائيل الدينية، وبعد انتهاء حرب هارمجدون الكونية التي سيقوم فيها أبناء النور (المسيحيون) بقيادة المسيح لتدمير ابناء الظلام (المسلمون)، ومن ثمة سينفتح التاريخ من الألفية السعيدة، وما احتلال العراق الا مساهمة بروتستانتية في هذا السيناريو الديني العقدي وما تعبير (حرب صليبية) التي قالها الرئيس الامريكي جورج بوش الابن بعيد أحداث 11 سبتمبر 2001 سوى تعبير عن لا وعي جمعي، يلتقي فيه التصوّر الديني للشعب الامريكي المسيحي بشكل عام وحكام البيت الابيض بشكل خاص، رغم ان الاعلام الامريكي اعتبر كلمة بوش الابن «زلّة لسان».
بل إن بعض الأصوليين المسيحيين من البروتستانتيين الامريكيين تبنوا التصوّر اليهودي التلمودي الذي يذهب الى أن معركة هارمجدون سوف تسبقها حروب تمهيدية ضد العرب، كما أن اليهود يمكنهم ان يقوموا ببناء هيكل مقدس مؤقت في مدينة أورشليم (القدس) بينما يأتي المسيح، ويُنزل الهيكل المقدّس الابدي من السماء.
وتعتبر العلاقة الامبريالية الامريكية والصهيونية علاقة ترابط عضوية وذلك لان الولايات المتحدة تريد أن تكون اسرائيل هي رأس الحربة وتكون قاعدة عسكرية متقدمة في المنطقة، إضافة الى الدور الوظيفي في حفظ المصالح الامريكية في منطقة تعتبر ثرية والوقوف في وجه محاولات التدخل أو الهيمنة الاوروبية.
انتهاء الدور الوظيفي لاسرائيل وبداية الشرق الأوسط
يرى الدكتور اسماعيل ناصر الصمادي، ان الدور الوظيفي لاسرائيل سوف ينتهي، وأن الاسرائيليين متخوّفون من أن يقوم «الذئاب العربية الانتقامية» بتقطيع أوصال اليهود فيها وبمباركة من أمريكا وأوروبا لأن اسرائيل سوف تكون مصدر ازعاج للدول الراعية وستصبح أشبه ما يمكن بمسن يحتاج الى الرعاية دون تقديم اي فائدة وبالتالي ستتحول الى عبء على الامبريالية العالمية.
لذلك تم التفكير في تحويل الدور الوظيفي من دور عسكري متقدم الى دور تجاري، خاصة بعد تراجع دورها العسكري من خلال تطوّر منظومات الاسلحة وبخاصة منها الجوية والصاروخية، وستتحوّل اسرائيل الى «سوبرماركت» في المنطقة، لذلك تم تبني مقولة الشرق الأوسط والسوق الشرق أوسطية والسوق المتوسطية.
إلا أن هناك رأيا يعتقد أن الدور الوظيفي العسكري الاسرائيلي مازال قائما، إذ يقول جوزيف لينز (1992) وهو السكرتير السابق لحلف الناتو «إن اسرائيل كانت المرتزق الأقل كلفة في عصرنا الحاضر».
ومع ذلك فهناك بعض الصهاينة الاسرائيليين ممن يعتقدون أن دورهم الوظيفي يجب أن يظل متواصلا مع اضافة دور مركز السوق الشرق أوسطية «سوبر ماركت» المنطقة لتسويق الصناعات الامبريالية بعد تشكيل تلك السوق المشتركة بعد «فرض السلام» حسب التصوّر الصهيوني بحيث يكون الاسرائيليون هم الخبراء ووكلاء وسماسرة الصناعات الامبريالية أما العرب فالمطلوب منهم تمويل هذا المشروع فدورهم لا يتعدى كونهم من المستهلكين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.