عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : لمّا قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إنّ رحمتي غلبت غضبي (متفق عليه) وسع كلّ شيء رحمة وعلما ولم يسع كلّ شيء غضبا وانتقاما لذلك كانت الرّحمة أحبّ إليه من العذاب والعفو أحبّ إليه من الانتقام - سبحانه وتعالى رحمنا أوّل ما خلقنا وقبل أن يكلّفنا حيث أنّه لمّا خلق الله آدم دخلت الرّوح من رأس آدم فعطس فقالت له الملائكة قل الحمد لله فقال الحمد لله فقال له الله يرحمك ربّك (رواه الترمذي).
آثار الرّحمة في الكون انظر من رحمة الله لم يسقط علينا السّماء قال عزّ وجلّ: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (فاطر 41)
ومن رحمته سبحانه ينزل الماء فيجعله في الأنهار والبحار والآبار قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا} (الفرقان 48 و49) وقال: {وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميّت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون}(الأعراف 57). تفكّر وتدبّر واستشعر واعلم يقينا يا عبد الرّحمان أنّ الكون يتحرّك برحمة الله
- رحمته في تقسيم اللّيل والنّهار: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (القصص 73) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (القصص 71 و72) بيّن سبحانه وتعالى أنّه لو جعل اللّيل دائما عليهم سرمدا إلى يوم القيامة لأضرّ ذلك بهم ولسئمته النّفوس وانحصرت منه ولو جعل النّهار سرمدا إلى يوم القيامة لأضرّ ذلك بهم واتعبت الأبدان وكلّت من كثرة الحركات والأشغال.
هل فكرت يوما يا عبد الرّحمان لو كان الليل يأتي فجأة أو يأتي النّهار فجأة فماذا يحصل؟ هزات والاضطرابات العصبية ولكن من رحمته يأتي اللّيل بعد نهاية النّهار ويأتي النّهار بهدوء بعد انقضاء اللّيل ألم يقل ربّنا: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (التكوير17 و18 ) - يجعل الأشياء الأساسية التي تقوم عليها حياتك لا يتحكّم فيها أحد غيره فمثلا لا ينزل المطر غير الله قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} (الشورى 28)
فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها، لو كان الماء الذي ينزل من السّماء مالحا لمات الزرع والدواب.. فقال تعالى:{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُون}َ(الواقعة 68 و69 و70).