إذا كانت الدنيا قامت ولم تقعد في أغلب الجهات بسبب الانقطاعات المتكرّرة للماء والكهرباء فإنّ 12 عائلة بالتمام والكمال في منطقة أولاد الواعر من معتمديّة عقارب لا تزال تعيش غياب الماء والكهرباء علاوة على غياب الشغل. لعقود من الزمن ظلت منطقة أولاد الواعر ولا تزال غائبة تماما عن خارطة التنمية ومعزولة عن عالمها المحيط بها فحتى عندما انتقلت «الشروق» إليها لنقل معاناة شبابها وأطفالها وشيوخها وصلنا بصعوبة بسبب رداءة المسالك المؤدّية إلى عمادة زليانة الراجعة إليها إداريا فقابلتنا وجوها يملؤها الخوف ويخيّم عليها الألم بفعل المعاناة اليوميّة والتهميش الذي تعانيه منطقتهم الريفيّة.
أول من جلسنا إليه هوالشيخ حسن الورغمي (72 سنة) حفر الفقر على وجهه تجاعيد عميقة شاهدة على صراع مرير بفعل البطالة التي لازمته على حدّ قوله وعدم تمتّعه بمنحة شيخوخة حيث أصبح عاجزا عن العمل ويعيل عائلة وافرة العدد، قال لم تعد تهمّني البطالة بعد أن ظللت طوال عشرات السنين وأنا ألهث وراء مطالب إدخال الماء والكهرباء لمنطقتي الريفيّة شأني شأن 12 عائلة بجواري في حين أنّ شبكة الكهرباء لا تبعد عنّا سوى 500 م فقط .
هذا الكلام أكده جاره العيّادي الورغمي العاطل بدوره وفي كفالته عائلة حيث أضاف أنّ العائلات تعاني العطش المرّ وأنّهم يضطرون إلى شراء صهاريج ب 20 د من المناطق المجاورة تصل إليهم هذه الأيام «مغلّاة» بفعل الحرارة أمّا النوري الورغمي فقد أضاف أنّ صيف منطقته جحيم فالشمعة دليلهم ليلا بحكم غياب الكهرباء والتنقل يصعب إلى المناطق المجاورة وأمله تسريع إيصال الماء الصالح للشرب وتنوير المنطقة وتوفير منح للعائلات المعوزة بحكم غياب مناطق الشغل باستثناء بعض مقاطع الحجارة.
أمّا العيدي الواعر فقد استغرب كيف يصل الكهرباء إلى حوالي 7 عائلات تجاورهم بينما لا تزال 12 عائلة تعيش الظلام الدامس رغم قيام إدارة الستاغ بالدراسات اللّازمة ورغم الوعود بالتنوير فإنّ كلّ شيء مازال يراوح مكانه.
بولبابة الورغمي العاطل عن العمل بدوره أكّد أنّ المطالب لم تنقطع منذ حوالي 18 عاما غير أنّهم لم يتلقوا سوى الوعود متسائلا كيف سيمرّ علينا رمضان هذا العام بدون ماء ولا كهرباء ولا أبسط الضروريات علاوة على معاناة أخرى مثل البطالة وبعد المدرسة وتهديدات الزواحف السامة.
في الأخير غادرنا المنطقة والألم يحاصرنا فبرغم الحديث عن التنمية المستدامة طوال العقود الماضية لا تزال عشرات العائلات تعاني الويلات وتعيش خارج دائرة الضوء وكأنّها غير تابعة لهذا الوطن العزيز، لكن هناك بارقة أمل في الأفق حيث أعلمنا معتمد عقارب أنّه سيتمّ عن قريب تزويد هذه العائلات بالنور الكهربائي ويبقى هذا الأمل قائما مع انتظار إمكانية إدخال الماء الصالح للشراب أيضا في الأمد القريب.