لم يكن النبي يستخدم أسلوب النصح والعظة دائما، حين تقع المشاكل بين طرفين، بل كان يستخدم المزاح أحيانا. فقد يبلغ المزاح ما لا يبلغه الجد مع كثير من الناس. وربما خفف المزاح من وطأة المشكلة، وجعلها تصغر في عين حاملها. عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة، فلم يجد عليا في البيت، فقال: أين ابن عمك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني، فخرج فلم يقل (وقت القيلولة) عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: انظر أين هو؟ فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب، قم أبا تراب». فكان أبو تراب أحب الألفاظ إلى علي رضي الله عنه. (متفق عليه). بدعابة بسيطة، حل النبي العظيم مشكلة بين زوجين وأدخل السرور على قلبيهما وجعلهما يتناسيا ما بينهما من مشكلات. الشيء نفسه يحدث مع النبي في حل مشاكله مع زوجته أحيانا: أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: جاء أبوبكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن له ودخل فقال: يا ابنة أم رومان (وتناولها) أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها، قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها: ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك؟ قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها، قال: فأذن له، فدخل فقال له أبو بكر: يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما. هكذا كان النبي في لحظات ينسى ما حدث من مشكلات ومتاعب، لا يميل لإعطاء المشاكل أكثر من حقها، بل يحلها بكلمة رقيقة وببسمة لطيفة، وفي لحظات نجده يمازح عائشة وهي التي كانت رافعة صوتها عليه من ثوان معدودة