تمثل أقوال الصحابة المصدر الثالث لتفسير القرآن الكريم. فمن لم يجد التفسير في القرآن نفسه ولا في السنة النبوية رجع الى أقوال الصحابة،- فانهم أدرى بذلك كما شاهدوه، وللأحوال التي اختصوا بها، ولمعرفتهم بأسباب النزول، لما لهم من الفهم والعلم،ولا سيما علماؤهم، كالخلفاء الأربعة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود. قال الحاكم في المستدرك: ان تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل له حكم المرفوع. ومن الجلي أنه لما انتقل صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى لم يكن لأمثال هؤلاء العلماء من الصحابة بد من تحمل الأعباء التي كان ينهض بها الرسول في الهداية والتوجيه. فكانوا يبينون ما علموه ويوضحون ما فهموه، ويكشفون عن أسراره ومعانيه ويتعلمون ويعلمون عملا بما جاء في القرآن: {كتاب أنزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته، وليذكر أولوا الألباب} (ص:29)
وتلقى أقوال الصحابة عدد من التابعين في مختلف الأمصار الاسلامية فنشأت في مكة طبقة المفسرين، كمجاهد وعطاء وعكرمة، ونشأت في المدينة طبقة أخرى مثل زيد بن سالم ومالك بن أنس. ونشأت طبقة أهل العراق بالكوفة والبصرة كمسروق بن الأجدع وقتادة وحسن البصري. وقد نقل عن ابن تيمية أنه قال: أعلم الناس بالتفسير أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس.