أسدل الستار ليلة أول أمس على الدورة الثامنة والأربعين من مهرجان قرطاج الدولي بعرض اختتام أمنه الفنان التونسي المنشأ والعالمي الصيت صحبة مجموعة من أمهر العازفين في العالم على غرار الفنان التركي «حسنو سنلندريسي» عازف الكلارينات المتميز. عرض ليلة أوّل أمس بالمسرح الأثري بقرطاج كان عرضا موسيقيا من الطراز الرفيع، زاده الشعر إمتاعا مع الشاعر التونسي محمد الصغيّر أولاد أحمد في الجزء الأخير من الحفل.
وتجدر الإشارة إلى أن العرض موسيقي بالأساس، يعتمد على مهارة العازفين على آلات البيانو والباتري والكلارينات والقانون والكمنجة وبطبيعة الحال آلة العود مع الفنان ظافر يوسف.
موسيقى مميّزة
لكن الأخير اختار في أغلب المقطوعات الموسيقية التي قدمها أن ينطلق بأداء بيت لأحد الشعراء على طريقة ظافر يوسف الخاصة الممزوجة بالخبرة الكبيرة لتقني الصوت الألماني، الذي ألغى كل خطإ قد يحدث على مستوى الصوت مثلما حصل في سهرات سابقة بالمسرح الروماني. حرفية تقني الصوت أبهرت الحضور وخاصة لما انتقل بالصوت من أداء ظافر يوسف إلى عزف «حسنو» بطريقة تجعلك لا تشعر بذلك التحول من صوت الفنان إلى صوت الكلارينات إطلاقا.
وفي واقع الأمر ظافر يوسف فنان تونسي عرف انتشاره العالمي منذ فترة إثر نجاحه الباهر في مجال التجريب الموسيقي وخاصة موسيقى الجاز الصوفي، فغنّى أبيات معدودة ل«أبي نواس» و«الحلاّج». وجاب بعوده ركح المسرح الروماني عزفا، وفسح المجال لإبراز مهارات زملائه عازف «الباتري» الهولندي، وعازف البيانو هذان العازفان أبهرا الجمهور بعزفهما المتميز.
شاعر
ظافر يوسف الذي كثيرا ما صرّح بأنه يريد دائما أن يكون شخصا آخر، كان كذلك في عرضه الأخير بقرطاج فأبدع موسيقيا وفنيا في عرضه الأخير واستحق اختتام أعرق مهرجاناتنا في دورته الأخيرة. واستضاف شاعرا تونسيا يمكن أن نقول عنه كما سبق أن قال هو عن نساء بلاده إن الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد «شاعر ونصف»، «أولاد أحمد» قرأ ليلة أول أمس قصيدته الشهيرة «إلهي» والتي جاءت في شكل أدعية وابتهالات بيد أنّه أشعل المدار تصفيقا في قصيدته الجديدة التي قال عنها في تصريح ل«الشروق» إنها القصيدة لم تكتمل بعد. ويقول مطلع القصيدة الجديدة للشاعر التونسي محمد الصغير أولاد أحمد: «إذا كنت شعبا عظيما فصوّت لنفسك في اللحظة الحاسمة» ضيف ظافر يوسف جاء بالكلمة ليقول رأيه ويعلن موقفه بالشعر فكان شاعرا ونصفا، قرأ بطريقة سلسلة، ومقنعة وبحضور ركحي جيّد لا يتكرّر كثيرا مع «أولاد أحمد». وقبل مغادرته الركح بلحظات اختار الشاعر التونسي المتمرد دوما، أن يعلن أمام الملإ في غير حضرة الشعر: إن الكتّاب والفنانين ملاحقون من ميليشيات غير محلية ولكنها تنتمي للقرون الوسطى».