في إطار تغير العلاقة بين المؤسسة الصناعية والمجتمع المدني بفضل التزام القطاع الصناعي بمسارات هادفة من أجل التنمية المستديمة من جهة ووعي المواطن بأن النشاط الصناعي مقرون بعامل التلوث، كانت شركة اسمنت قابس سباقة لبلوغ أحد أهداف المجتمع الحداثي من خلال إحداث هيكل يربط الصلة بين المؤسسة والمجتمع المدني يعتبر فضاء ووسيلة لتبادل المقترحات ومتابعة نشاط المؤسسة وأوضاعها البيئية بالخصوص . وشعورا منها بالهواجس والمخاوف التي انتابت السكان في السنوات الأخيرة ازاء استعمال الشركة لمادة الفحم البترولي كعنصر أساسي للطاقة والمخاوف من تفريغ هذه المادة وتكديسها بكثرة في ميناء غنوش ثم مخاطر نقلها لمقر الشركة والافرازات الملوثة عند احتراقها بادرت شركة اسمنت قابس منذ بضعة أشهر بتنظيم ندوة علمية خصصتها حول استعمال مادة الفحم البترولي واستدعت لها باحثين وخبراء أجانب وتونسيين بحضور مسؤولي الشركة والنقابات والأحزاب والجمعيات البيئية والحقوقيين وتم طرح الإشكاليات والمخاوف بشكل صريح وتم فتح حوار بناء عبر من خلاله ممثلو المجتمع المدني عن مخاوفهم من استفحال الأضرار البيئية وطالبوا بضرورة تحمل الشركة لمسؤولياتها وقبول التعاون مع المجتمع المدني من أجل البحث عن أفضل السبل للحد من التلوث ومعالجة أوضاع محيط المؤسسة وتوفير عديد الضمانات العملية منها بالخصوص السيطرة على مراحل التفريغ والتخزين والنقل ومراقبة الانبعاثات .شركة اسمنت قابس لم تتأخر في الاستجابة للمطلب الملح الذي طرحه الحاضرون كنواة للعمل مستقبلي وهو إحداث لجنة سميت لجنة متابعة الأوضاع البيئية تم إمضاء محضر جلسة في شأنها وتركبت من متطوعين من نقابيين وجمعيات بيئية وناشطين حقوقيين وقد تم تحرير مجموعة أهداف لهذه اللجنة كما تم تحديد دقيق لمجالات تدخلها وسبل تفعيل أعمالها والاستعانة بالخبراء في اجراء التحاليل المعمقة. هذا وقد دخلت هذه اللجنة في عملها الميداني مباشرة بعد هذه الندوة وانطلقت ببعض البنود المستعجلة لعل أولها عدم السماح مستقبلا لأي شركة اسمنت أخرى بانزال حمولاتها من الفحم البترولي بميناء غنوش وقد عملت اللجنة طوال الشهرين الماضيين بكفاءة ووفرت لها شركة الاسمنت كل التسهيلات المطلوبة وتمكنت من الاشراف الفني على انزال حمولة مركب واحد ومتابعة نقل الفحم وتخزينه في مخازن الشركة كما حرصت اللجنة على تركيز الشركة لمحطات ثابتة لمراقبة وتحليل الغازات والأتربة في مواقع تم الاتفاق بشأنها .اللجنة تقوم حاليا بتنفيذ مخطط برنامج متواصل في محيط الشركة والمطلوب من كل أطراف المجتمع المدني والسلطة أيضا تقدير هذا العمل الجبار التي تسهر عليه.