يشهد الموقع الاجتماعي هذه الأيام ظهور عدة «قوائم سوداء» في الصحفيين المتهمين بالفساد المهني والتعامل مع الداخلية أو غيرها من أجهزة نظام بن علي، وأغلب هذه القوائم ينشرها ناشطون قريبون من النهضة مما جعل خصومهم من ناشطي المعارضة يعتبرونها «قوائم ابتزاز» وتهديد. ثمة إجماع بين الناشطين في الصفحات التونسية على وجوب «تطهير قطاع الإعلام» لكن هذا المطلب تحول إلى حرب تهم وقوائم سوداء في الصفحات التونسية، ويكتب أحد الزملاء في صفحته: «لم يبق من هذا المطلب سوى الشعار، بما أن الحكومة هي أول من يستخدم رموز إعلام بن علي، فعن أية قائمة سوداء يتحدث لطفي زيتون ؟». ويبدو أن التهديد الذي أطلقه مستشار رئيس الحكومة لطفي زيتون بنشر «القائمة السوداء للصحفيين» قد حوله بعض نشطاء النهضة في الموقع الاجتماعي إلى حملة منظمة وذلك بنشر قوائم سوداء لا أحد يعرف من أين جاءت ولا على أي حجج أقيمت. كما أن الوقفة الاحتجاجية التي شارك فيها العديد من الزملاء أمام مقر الحكومة يوم أمس ضد التعيينات الأخيرة في قطاع الإعلام قد زادت من حدة المواجهة بين أنصار الحكومة وخصومها في الصفحات التونسية. ومن أغرب ما قرأنا يوم أمس في إطار حرب القوائم في صفحات الموقع الاجتماعي وضع السيد لطفي زيتون على رأس قائمة إعلاميين متهمين بالفساد اعتمادا على مقال يصف فيه صخر الماطري بأنه شخص ذكي مع أوصاف أخرى حميدة.
وفي إطار هذه الحرب، أخرج ناشطون من النهضة مقالات قديمة كتبها العديد من المنتمين إلى قطاع الإعلام في مديح نظام بن علي وشتم أعدائه، بالإضافة إلى الصور القديمة التي تثبت ولاء العديد من «الزملاء» للنظام السابق ومساهمتهم الفعالة في تبييض وجهه. في المقابل، يرد نشطاء من المعارضة والمجتمع المدني باتهام الحكومة بدعوة توظيف العديد من التجمعيين ورموز إعلام بن علي، مع نشر مقالات وصور تؤكد ذلك. يكتب زميل معروف بحياده: «الحكومة لا تفرق بين صحفي وآخر حسب تاريخه وكفاءته، بل بولائه لها، ويكفي أن نتذكر الندوة التي تم تنظيمها حول الإعلام ودعت لها الحكومة رموز إعلام بن علي أو التعيينات الأخيرة في قطاع الإعلام». ويوم أمس، تداولت العديد من الصفحات تصريحا للزميل زياد الهاني عضو نقابة الصحفيين جاء فيه أن القائمة السوداء التي تتحدث عنها الحكومة ستكون انتقائية ولن تشمل من باع نفسه إلى النهضة، حسب وصفه. ويطالب الزميل زياد الهاني في تصريحه بأن تتولى النقابة الوطنية للصحفيين صياغة القائمة السوداء حتى تكون على أساس مهني وليس على أساس سياسي، ويجد هذا التصريح الكثير من القبول والمساندة لدى أغلب الزملاء وناشطي المجتمع المدني، الذين ينشرون تعاليق تتهم الحكومة بالعمل على تركيع الإعلام بالتهديد بهذه القائمة السوداء وغيرها. غير أن أغلب نشطاء النهضة في الموقع الاجتماعي يردون بمهاجمة نقابة الصحفيين ويتهمونها بأنها تريد «قائمة على المقاس».
وتتوسع رقعة الحرب حول تطهير الإعلام وضبط القائمة السوداء التي يهدد بها رموز الحكومة منذ أشهر دون أن نرى منها شيئا، والملاحظ أن أغلب القوائم المنشورة في الصفحات التونسية تقف وراءها أسماء مستعارة أو لا علاقة لها بقطاع الإعلام، مما يفقدها أية مصداقية ويجعلها مجرد أداة في حرب القوائم أو وسيلة تهديد وضغط لا أكثر كما يكتب الكثير من الزملاء، خصوصا وقد اتضح عمليا أن الحكومة تبحث عن صحفيين موالين لها بقطع النظر عن تاريخهم.
وعن تاريخ الإعلام التونسي الذي لا يسر أحدا، تم تداول تعليق منسوب للدكتور سالم الأبيض الأخصائي في علم الاجتماع جاء فيه: «لماذا يغفل أو يتناسى الذين يدافعون عن الإعلام الحالي الحقيقة الثابتة وهي أن كل من دخل الإعلام في العشرين سنة الأخيرة، قد مر على غربال عبد الوهاب عبد الله وهو ما أنتج مشهدا إعلاميا يسيطر عليه بنسبة 95 بالمائة موالون للنظام السابق»، ويكتب زميل متقاعد ساخرا: «الحقيقة أن عبد الوهاب عبد الله لم يكن يتوسل إلى أحد لكي يمدح النظام أو يشتم خصوم بن علي، لقد كان العديد من الزملاء يتزاحمون في انتظار أن يسمح لهم بذلك».