اهتمت يوم أمس العديد من الصفحات التونسية باليوم العالمي لحرية الإعلام، وتم تداول أجزاء من تقرير نقابة الصحفيين حول تعرض 60 زميلا إلى الاعتداء، في المقابل، عاد العديد من الناشطين للمطالبة بنشر القائمة السوداء وتطهير القطاع.
وكما هو متوقع في يوم حرية الصحافة، فقد حظي الحصار الذي ضرب على التلفزة الوطنية بالكثير من التعاليق بصفته تهديدا مباشرا لحرية الإعلام، فيما رآه ناشطو النهضة وأنصارهم غضبا شعبيا شرعيا ضد إعلام يدفع الناس كلفته رغما عنهم دون أن يحقق التطور المطلوب. كما اهتم الناشطون التونسيون بالحكم الصادر في يوم حرية الإعلام ضد صاحب قناة نسمة والقاضي بتغريمه ب 2400 دينار من أجل بث فيلم «برسيبوليس» الذي يجسد الذات الإلهية في صور متحركة. والحقيقة أن السيد نبيل القروي صاحب قناة نسمة يعاني من كثرة الأعداء في صفحات الموقع الاجتماعي، وقد وجد خصومه الكثيرون في هذا الحكم فرصة للهجوم عليه وإطلاق شعارات تعتبره «نموذجا سيئا لحرية الإعلام» بعد أن اشتهر بولائه للجنرال بن علي ونظامه.
ويجمع أغلب الزملاء في الموقع الاجتماعي على أن حرية الإعلام مهددة في تونس هذه الأيام بفعل الضغوطات التي تمارس على القطاع من عدة أطراف، ومنها الحكومة، حيث يرى بعض الزملاء أن حرية الإعلام قد تلقت ضربة قوية بنوعية الأسماء التي دعتها الحكومة للاستشارة حول الإعلام والتي يتفق الجميع على وصفها بأنها «عودة الإعلام النوفمبري من الباب الحكومي الواسع». وقرأنا في صفحات العديد من الزملاء استعدادا وتأهبا كاملين لحماية الحريات الصحفية، وضمان استقلالية الصحفي وعمله عن أي ضغوطات أو تهديد رغم الاختلاف الكبير في تحديد مصادر الخطر على هذه الحرية.
وتداول العديد من الزملاء فقرات من التقرير السنوي الذي تصدره النقابة الوطنية للصحافيين حول وضع الإعلام والذي بدا دون المستوى المطلوب في بلد دفع ثمن الحرية غاليا حيث تم إحصاء حوالي 60 اعتداء على الصحفيين. أما تقرير لجنة إصلاح الإعلام فلم يرض أحدا من الناشطين في الصفحات التونسية غير الذين أعدوه على ما يبدو. وتساءل الكثير من الناشطين التونسيين عن القائمة السوداء للصحفيين الذين استفادوا من نظام بن علي مقابل المشاركة في قمع الحريات والتستر على جرائم النظام ضد الحقوق العامة والخاصة. ولا تخلو صفحة من صفحات ناشطي النهضة من المطالبة بالقائمة السوداء واتهام عدة مصادر قوى بالتستر عليها ومنع نشرها بالإضافة إلى المطالبة بتطهير القطاع.
عموما، ثمة إجماع على أن الإعلام ليس بخير أو أقل مما هو مطلوب في بلد تحرر من الدكتاتورية والطغيان. وكتب زميل مهاجر في أوروبا تعليقا جاء فيه: «رغم القمع في عهد بن علي فقد كان لنا صحفيون أفذاذ ولم تكن لدينا صحافة أصلا، أما اليوم فقد أصبحت لدينا صحافة حرة ولم نر صحفيين أفذاذا يقودون حملة تطوير القطاع»، ويشاركه زميل لنا في القناة الوطنية في الاعتراف بأن أهم معوقات تطوير الإعلام الوطني هي نقص الكفاءة والحرفية ونقص التكوين، بالإضافة إلى استمرار النظام الإداري القديم في تسيير الإعلام. ويكتب ناشط حقوقي يساهم كثيرا بمقالات نقدية عن الإعلام: «الإعلام التونسي فقد الكثير من مصداقيته بسبب أخطاء تدل على نقص التكوين والحرفية إن لم نقل سوء النية بعد أن قضى عقودا طويلة يعمل على طريقة البلاغات الحكومية التي تمجد النظام وتشتم أعداءه».
للأسف الشديد، ما يزال البعض، حتى في اليوم العالمي لحرية الإعلام يرفع في وجوهنا شعار «إعلام العار» ويشن على القطاع بصفة عامة حملات شتم وتخوين وتهديد، والمشكل كما يقول زميل قديم يعمل في الخليج أن الكثير من الأسماء التي تعمل في القطاع توفر لهم كل المبررات لذلك، خصوصا وأن الناشطين التونسيين لا يجدون أية صعوبة في استخراج مقالات وتسجيلات لهذه الأسماء وهي تمجد نظام بن علي وتشتم أعداءه بطريقة تدعو إلى القرف. «اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا»، يكتب زميل على باب التقاعد وهو يرجو أن لا نذهب ضحية التعميم.