المراسل- بعد أكثر من ست أشهر من تقلد الحكومة الجديدة لمنصبها، لم تصدر أية مبادرة أو إشارة جدية للشروع في إصلاح قطاع الإعلام في تونس، بينما تزداد المؤشرات على أن الحكومة التي تسيطر عليها حركة النهضة الإسلامية تسعى بكل جهدها إلى السيطرة على القطاع. ويقول الاعلاميون إنه وبالتوازي مع هذه الأوضاع، تنمو في وسط متشدد حالات عداء شديد للصحفيين لم تكتف بتكفيرهم بل وذهبت إلى حد تهديدهم بالقتل. وحذر سفيان بن فرحات في تصريحات نقلتها عنه إذاعة محلية خاصة الأربعاء، من دخول تونس في مرحلة من الإرهاب الفكري واصفا العسكري الذي هدده بأنه متطرف تونسي. وتشهد العلاقة بين الحكومة المؤقتة والإعلاميين حالة من التوتر. ولا يمر يوم واحد دون أن تسجل فيه حالات اعتداءات جديدة على الصحافيين. ويتهم الإعلاميون الحكومة التي تهيمن عليها حركة النهضة ، بسعيها إلى "تركيع وتدجين الإعلام"، بواسائل مختلفة تترواح بين الترهيب والترغيب. ويقول عدد من المراقبين إن الحكومة التونسية تكرس موجة من المزايدات والمساومات في الساحة الإعلامية التونسية، في مسعى لشراء ذمم بعض الصحافيين المتميزين. وتقول الحكومة التونسية إن المشهد الإعلامي الراهن "أحادي"، وتشبَّهه بما كان عليه المشهد الإعلامي في ظل الدكتاتورية، ولكن "في اتجاه معاداة الحكومة المنتخبة ديمقراطيا"، على حد تعبير لطفي زيتون، المستشار السياسي لرئيس الحكومة حمادي الجبالي. ويعتقد زيتون أن "المدافعين على الإعلام التونسي الآن، إنما هم بصدد الدفاع عن مشهد إعلامي واحد، وهو معاداة الحكومة المُنتخبة وما تقوم به، وذلك بعد أن دأبوا على تثمين إنجازات النظام المخلوع، ليصبحوا اليوم من مهاجمي الحكومة الحالية". من جهتهم يستمر الصحفيون عبر نقابتهم في انتقاد استمرار حكومة الجبالي في تعيين مسؤولين على رأس المؤسسات الإعلامية في القطاع العمومي، دون استشارة الصحفيين وهياكلهم. ويستمر التراشق بين الصحفيين وبين الحكومة حول الإعلاميين الذين ارتبطوا بالنظام السابق، والمتّهمين بالفساد وتبرير الاستِبداد. ومؤخرا هدد لطفي زيتون المستشار السياسي لرئيس الحكومة التونسية بنشر قائمة سوداء بأسماء الصحافيين الذين تعاملوا مع نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وتشمل هذه القائمة أسماء الصحفيين الذي يتهم الشارع التونسي بتجاهل مطالبه في زمن استبداد بن علي والحصول على الأموال الطائلة مقابل تجميل نظامه والتجسس على زملائهم ممن رفضوا الانسياق في لعبة التضليل الإعلامي طيلة أكثر من عقدين. ويقول مهتمون بالقطاع الإعلامي إن العديد من القوائم "السوداء" بأسماء صحافيين نشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، غير انها بدت في مجملها نوعا من تصفية الحسابات السياسية والمهنية. وتواصل نقابة الصحفيين التونسيين الضغط على وزارة الداخلية لنشر قائمة الإعلاميين الذين كانوا متعاونين مع جاز ما يعرف ب"البوليس السياسي"، وهو ما رفضه وزير الداخلية علي العريض، بحجة حماية أعراض عائلات هؤلاء. وفي المقابل، تطالب رئاسة الحكومة، نقابة الصحفيين التونسيين بمدِّها بقائمة الإعلاميين الذين تتهمهم النقابة بالفساد، وهو ما رفضته النقابة خوفا من أن يتِم متابعتها قضائيا من قِبل المشكوك فيهم، وهي تُصِرّ على أن مصالح الداخلية تُعتبر الجهة التي تملك وثائق الإثبات، وهي المطالبة بالكشف عن خفايا هذا الملف.