بدأ مسؤولون أتراك وأمريكيون أول اجتماعات سياسية وامنية تستهدف العمل على الاطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد في وقت أكدت فيه موسكو وجود بوادر لتسوية سلمية للازمة بعد سقوط الرهانات العربية والغربية على نجاح المعارضة السورية في «الحسم العسكري». ويتوقع أن يجري خلال الاجتماعات تنسيق الردود العسكرية والاستخباراتية والسياسية على أعمال العنف والأزمة المستمرة في سوريا منذ مارس 2011 والتي قال نشطاء إنها أدت إلى مقتل أكثر من 23 الف شخص.
حلقة جديدة
ويقول متابعون لشؤون المنطقة إن هذه الاجتماعات تشكل حلقة جديدة من حلقات التنسيق الأمريكية السرية مع دول عديدة في المنطقة أعربت عن رغبتها في إسقاط نظام الأسد، بينها تركيا.
كما تأتي الاجتماعات تتويجا لاستعدادات عسكرية ضخمة شاركت فيها أغلب الدول التي ترغب في إنهاء النظام السوري. ومن المقرر أن يناقش المسؤولون في الاجتماعات التي ستعقد في أنقرة خطط الطوارئ التي يمكن تطبيقها في حال ظهور تهديدات مثل قيام النظام السوري بشن هجوم كيميائي وهو ما اعتبرته واشنطن «خطا أحمر».
وفي أواخر ماي، أنهت 19 دولة عربية وأطلسية تتقدمها السعودية والولايات المتحدة، في الأردن مناورات «الأسد المتأهب» التي توصف بأنها أكبر مناورات في الشرق الأوسط، وذلك بمشاركة 12 ألف عسكري.
وتضمنت المناورات تدريبا على الحرب غير التقليدية، وكيفية التعامل مع هجمات الأسلحة الكيماوية ومكافحة الإرهاب والتمرد، إضافة لتدريبات شرطية على مكافحة الشغب وأخرى تعاونت فيها منظمات مدنية دولية ومحلية على كيفية التعامل مع حالات الإنقاذ والتعامل مع موجات اللجوء الكبرى والمفاجئة.
ونقلت تقارير إعلامية عن مصادر عسكرية أمريكية قولها إن تدريبات خاصة جرت خلال تلك المناورات بين الجيشين الأمريكي والأردني على كيفية التدخل لحماية أماكن داخل سوريا توجد بها أسلحة بيولوجية وكيماوية في حال انفلات الأوضاع هناك وفقدان الجيش السوري السيطرة عليها، وتدريب القوات الأردنية على التعامل مع مخاطر هذه الأسلحة إذا انتقلت للأردن.
وقالت إن هناك تدريبات على إمكانية تدخل قوات دولية خلال 18 ساعة لتأمين عشرين مكانا تحوي أسلحة غير تقليدية في سوريا خشية أن تسيطر عليها جماعات محسوبة على تنظيم القاعدة.
وكانت قاعدة كونيا الجوية التركية قد استضافت في منتصف جوان، أي مباشرة بعد الانتهاء من تدريبات «الأسد المتأهب»، مناورات «نسر الأناضول 2 2012»، وذلك بمشاركة قوات أمريكية وأطلسية جوية من السعودية والأردن وباكستان وإيطاليا، بالإضافة إلى الدولة المستضيفة «تركيا» التي شاركت بجميع منظوماتها وأسرابها المقاتلة.
وقالت مصادر عسكرية سعودية في حينها إن المناورات تمحورت على تنفيذ العديد من الطلعات الجوية التدريبية ضمن حملة جوية اشتملت على العمليات الجوية المضادة الدفاعية والهجومية وعمليات الهجوم الاستراتيجي وعمليات الحظر الجوي وعمليات الإسناد الجوي للقوات البرية.
وفي نوفمبر الماضي، كشفت مصادر تركية مقربة من حكومة رجب طيب أردوغان عن خطة لإسقاط النظام السوري، تتم على مراحل وذلك بالتنسيق بين تركيا والجامعة العربية، وفي تفاصيل الخطة إعلان منطقة عازلة في شمال حلب بعمق 5 كيلومترات في المرحلة الأولى على ان تتوسع مساحة المنطقة العازلة فيما بعد، وتتولى تركيا مراقبة تلك المنطقة.
ويقود الوفد التركي إلى اجتماع «تخطيط العمليات»، نائب وزير الخارجية التركي هاليت جيفيك بينما تقود الوفد الأمريكي السفيرة الامريكية اليزابيث جونز. ويتألف الوفدان من رجال استخبارات ومسؤولين عسكريين ودبلوماسيين، بحسب ما افاد مصدر في وزارة الخارجية. وأعلنت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ونظيرها التركي احمد داود أوغلو في 11 أوت عن مثل هذه الآلية لعقد الاجتماعات لتسريع إنهاء الإطاحة بالنظام السوري.
ويأتي اجتماع اول امس بعد أيام من اطلاق الرئيس الامريكي باراك اوباما تحذيرا الى سوريا بان اي استخدام للاسلحة الكيميائية سيكون «خطا أحمر» سيغير كيفية تعامله مع الازمة السورية.
وناقش الاجتماع كذلك احتمال استغلال عناصر حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا وتنظيم القاعدة أي فراغ للسلطة في سوريا. وكانت كلينتون أعلنت في اسطنبول أنها «تشاطر تركيا تصميمها على ألا تتحول سوريا إلى ملجإ لمقاتلي حزب العمال الكردستاني سواء الآن او بعد غياب نظام الأسد».
البحث عن مخرج
على صعيد اخر أعلن نائب وزير الخارجية الروسية غينادي غاتيلوف اول امس أن المعارضة السورية بدأت تدرك ضرورة البحث عن مخرج من مأزق المواجهة العسكرية، الأمر الذي يبعث على الأمل بأن تتم تسوية الأزمة في سوريا بطرق سلمية.
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة «اسوشيتد برس»، أشار إلى أن هيئة التنسيق الوطنية وبصفتها جهة معارضة ذات نفوذ طرحت مبادرة التسوية السلمية المتألفة من 4 بنود. وأضاف أن الخطة المطروحة تنطبق مع ما ورد في إتفاقات جنيف لناحية المطالبة بالوقف الفوري للعنف والإفراج عن السجناء السياسيين وبدء الحوار السياسي.
وقال غاتيلوف: «إن المعارضة السورية بدأت أيضا تدرك ضرورة البحث عن مخرج من مأزق المواجهة العسكرية. وإننا نؤيد بشتى الوسائل هذه المبادرة الصادرة عن المعارضة السورية. وفي حال ازدياد ميلها في اتجاه التسوية السياسية (وقد بدأنا نحس بذلك بناءً على تصريحات أدلت بها القوى المعارضة) فيمكننا أن نعول بدرجة معينة من الاحتمال على أن نتمكن من تسوية هذه المشكلة بالوسائل السلمية».
وفي بيان لها أكدت الخارجية الروسية في بيان نشرته امس أن روسيا لن تطوي تعاونها مع سوريا بسبب العقوبات أحادية الجانب المفروضة على هذا البلد. وأضافت«إن العقوبات أحادية الجانب التي فرضتها بعض الدول على سوريا، والتي تقف روسيا تجاهها (العقوبات) موقفا سلبيا، لا تعتبر مبررا لطي البرامج الاقتصادية المشتركة وغيرها من الخطط والبرامج».