تحول إيقاف برنامج «اللوجيك السياسي» الذي تبثه القناة الخاصة «التونسية» التي يشرف عليها سامي الفهري إلى موضوع صراع في صفحات الموقع الاجتماعي بين أنصار حركة النهضة وخصومهم من المعارضة . واعتبر العديد من الإعلاميين والناشطين في المجتمع المدني إيقاف هذا البرنامج دليلا آخر على خطة الحكومة للسيطرة على وسائل الإعلام. بسرعة كبيرة انتشر في الصفحات التونسية خبر إيقاف برنامج «اللوجيك السياسي» الذي تبثه قناة «التونسية»، وهو مثل برنامج آخر على قناة نسمة يستعمل تقنية الدمى المتحركة التي اشتهرت بها قناة «كنال بلوس» الفرنسية في النقد السياسي والاجتماعي الساخر ودخلت إلى تونس تحت اسم «القلابس». ومن الواضح، أن هذا البرنامج كان يمثل واجهة نقد كبيرة يستعملها نشطاء المعارضة في تونس ضد الحكومة وحركة النهضة، وقد حظي هذا البرنامج بنسبة مشاهدة كبيرة بين القنوات التونسية أثناء شهر رمضان، كما كانت حصصه تمر فور بثها إلى العديد من الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي حيث يتم تداولها بكثافة خصوصا في صفحات نشطاء المعارضة.
ورغم وجود خلاف قضائي بين قناتي نسمة والتونسية حول ملكية «القلابس التونسية»، فإن ما شغل العديد من الصفحات في الموقع الاجتماعي هو ما راج من أن إيقاف برنامج «اللوجيك السياسي» كان نتيجة ضغوط من الحكومة، مما جعل العديد من رموز المعارضة وخصوصا اليسار يعتبر هذا الإيقاف حلقة أخرى من حلقات السيطرة على الإعلام وإخضاعه، بعد الإجراءات الأخيرة في قطاع الإعلام ومنها تسمية مسؤولين في الإعلام العمومي والتي كانت موضوع احتجاج نقابة الصحفيين ونقابة الثقافة والإعلام وأغلبية ناشطي المجتمع المدني.
ومنذ صبيحة أمس، تم تداول آخر حصة من برنامج «اللوجيك السياسي» بكثافة في العديد من الصفحات تحت عنوان: «الأغنية التي سببت إيقاف اللوجيك السياسي»، مع إشارة إلى أن مقطع الفيديو يحتوي أغنية «سيب النهضة». وكما هي عادة هذا البرنامج، فإن هذه الحلقة تعرض دمى لزعيم حركة النهضة ورئيس الحكومة وغيرهم في مشاهد غنائية ساخرة.
وفي صفحات النهضة، عثرنا على مقالات وتعاليق تعتبر أن برنامج «اللوجيك السياسي» تجاوز حدود الحرية إلى النيل من سمعة مسؤولي الدولة وكرامتهم، حتى أن أحدهم كتب مقالا تحت عنوان: «اللوجيك السياسي مش لوجيك» أي غير منطقي وهاجم الكاتب سامي الفهري صاحب القناة مذكرا بأنه «من أزلام نظام بن علي وكان ولا يزال يمثل مصالح الطرابلسية الذين مولوا قناته وأباحوا له أملاك التلفزة الوطنية مجانا». كما كتب محام في صفحة نهضاوية شهيرة: «ما يتم بثه ليس نقدا، بل ثلب وإهانات متكررة، ونشرا للإشاعات والأخبار الزائفة التي تتداولها بعض الأوساط المعادية للحكومة الشرعية». كما تداولت الصفحات القريبة من النهضة تصريح السيد عبد اللطيف المكي وزير الصحة في إذاعة خاصة والذي جاء فيه: «بعض البرامج والمنوعات أهانت الرموز الوطنية في البلاد خاصة رئيس الدولة ورئيس الحكومة وهو أمر بعيد تماما عن حرية التعبير».
وردا على هذا الموقف، نشرت العديد من صفحات المعارضة مقطع فيديو آخر من برنامج «اللوجيك السياسي» تحت تعليق: «بارتاجي شماتة في كلّ من يحب يرجّعنا لتالي، حتّى حدّ ماهو فوق النّقد، الشّعب ينقد ويزيد ينقد، ويفدلك ويفصّص، وحتّى سياسي ماهو مقدّس والّي ما عجبوش يشرب من ماء البحر». وتحول إيقاف هذا البرنامج إلى موضوع آخر للصراعات المتجددة بين حركة النهضة والحكومة من جهة، وخصومها من المعارضة وخصوصا اليسار من جهة أخرى، وهي معركة تستعمل فيها كل الأسلحة والوسائل حتى غير المعقولة، حتى أننا وجدنا أحيانا صعوبة في العثور على تعاليق تستحق النشر. أما أجمل ما عثرنا عليه من تعاليق، فقد تضمن مقولة منسوبة إلى الرسام الفرنسي الشهير بلانتو جاء فيها: «إذا أردنا أن نعرف مقياس حرية التعبير في أي بلد، يجب أن نذهب لرؤية رئيس الوزراء ثم نرسم له صورة كاريكاتورية». بيد أن هذه المقولة الجميلة لا توفر حلا لأزمة حرية التعبير في تونس، لأن خصمي النزاع لا يتفقان بعد على تعريف النقد السياسي أصلا.