شكّلت قضية سامي الفهري هذه الايام محط اهتمام الرأي العام ووسائل الاعلام ويتساءل البعض عن التهمة الرئيسية التي وجهت من أجلها بطاقة إيداع بالسجن ضد المنتج والمسؤول عن شركة «كاكتوس برود». هذه القضية التي أسالت الكثير من الحبر ظاهرها يتناقض مع باطنها ففي الظاهر تعلقت القضية بالتجاوزات والفساد المالي الذي لحق بالتلفزة الوطنية نتيجة الصفقات الوهمية التي تم ابرامها من طرف المؤسسة مع شركة «كاكتوس برود»، لكن باطن القضية متعلق ببرنامج «اللوجيك السياسي» هذا البرنامج المعروف بالقلابس والذي بثته قناة التونسية في شهر رمضان.
وقد لقي البرنامج نجاحا جماهيريا كبيرا خاصة أنه ينتقد أداء الحكومة وقياداتها والمعارضة وهو ما لم يعجب الحكومة التي رأت ان مضمونه لا يخدم أهدافها وأغراضها السياسية فتنكّرت لما وصفته في وقت سابق بالدفاع عن حرية الاعلام وأكدت أنها ماضية قدما في وضع اليد على الاعلام العمومي والخاص.
علاقة الفهري بالتلفزة
وللعودة للسبب الظاهري وراء مطلب سجن سامي الفهري والمتعلق بقضية التلفزة فقد أكد لنا مصدر مسؤول ان التلفزة مديونة في 26 مليارا والسبب في ذلك مؤسسة «كاكتوس» التي كانت تتصرف مثلما تشاء في ممتلكات التلفزة التي كانت موضوعة على ذمتها وعلى حساب صحفيي وأعوان المؤسسة.
وصرّح المصدر ان 40٪ من مداخيل «كاكتوس» كانت تعود لبلحسن الطرابلسي المؤسس لهذه الشركة. وجلّها من الاشهار الذي يتم افتكاكه من التلفزة الوطنية. وأضاف أن هذه الشركة جهزت «ستوديوهاتها» في أوتيك من مال التلفزة مضيفا ان «كاكتوس» احتكرت البث في التلفزة التونسية حتى أنها أصبحت تتحكم في زمن بث نشرة الأخبار لتستغل الوقت لبرامجها.
مداخيل بالجملة
وتفيد بعض المعلومات أن 70 تقنيا من مؤسسة التلفزة التونسية كانوا يسهرون على سير برامج «كاكتوس» وأن برنامج «آخر قرار» التابع لهذه الشركة كان يوفّر 120 مليونا عن الحلقة الواحدة ويوفّر برنامج «دليلك ملك» 500 مليون يوميا من عائدات الإشهار. ويوفّر مسلسل «مكتوب» 160 مليونا يوميا عبر الاشهار اي بلغت مداخيل المسلسل في 30 يوما 14 مليارا. في حين بلغت مداخيل الاشهار من برنامج «الحق معاك» 90 مليونا للحلقة الواحدة. وهذه التجاوزات والخروقات تعود بالأساس لتدخل الرئيس المخلوع وسيطرته على مؤسسة التلفزة والعاملين بها.
هكذا كانت شركة «كاكتوس برود» باسطة يدها على مؤسسة التلفزة التونسية ولكن السؤال المطروح هنا لماذا صدرت بطاقة ايداع بالسجن في حق المتهم في هذا الوقت بالذات؟ في حين انه تم استنطاق سامي الفهري في مناسبات سابقة ولم ير قاضي التحقيق داعيا في سجنه أو أن برامج هذه القناة «التونسية» باتت تهدد مصالح الحكومة؟