أثبت مهرجان تستور الدولي في دورته 46 التوجه الجديد بعد الثورة بأن تخرج دائرة الاهتمام عن المركز أي مهرجان قرطاج وما شابهه وفي حوصلة لفعاليات هذا المهرجان يمكن القول بأنه نجح رغم عديد الصعوبات. كانت السهرة الثالثة للمهرجان، مع البالي الروسي الذي ضمّ 39 عنصرا من الجنسين، وهو عرض مدعّم من وزارة الثقّافة،هذا البالي قدّم فقرات من الرقص الفلكلوري الروسي أين كانت اللوحات المقدّمة عبارة عن حكايات تجسّم فترات زمنيّة سابقة من تاريخ روسيا القديمة، العرض كان حرفيا و جيّدا في مستواه و هو ما أدخل البهجة على الجمهور الذي كان مقبول العدد.
كان عرض حضرة رجال تونس، ناجحا لأبعد الحدود، واستنادا الى العدد الكبير للجمهور الحاضر في السهرة، كانت الأجواء دينية 100 بالمائة ، أين قدّمت الفرقة أناشيد دينيّة وصوفيّة تتغنى بالرسول الكريم ے وبسيرته النبويّة، وكان الشيخ «توفيق دغمان» قد تسلطن في أداء بعض الوصلات الصوفيّة التي تخمّر معها الجمهور فكانت ردّة فعله ، المشاركة في الإنشاد لعرض كان مقبولا و ناجحا ممّا أدخل البهجة على جميع الحضور.
من جهة أخرى قدّم الفنان نور الدين الباجي، قدّم خلال عرضه، أغاني صوفيّة مثل «الليل زاهي» و«يا بلحسن يا شاذلي»، بالإضافة إلى مجموعة من الأغاني التونسيّة الأصيلة ذات المستوى والجمل الموسيقيّة الرّاقية. كما كرّم الفنّان «الهادي الجويني» في مائويته، فأدّى له البعض من أغانيه، فضلا عن بعض الأغاني الطربيّة. و من جهة أخرى كانت الفنّانة سميّة الحثروبي، قد غنّت للفنان «جورج وسوف» ومن انتاجاتها غنّت «على الله» و«خاينة» ، السهرة شهدت حضور مكثّف للجمهور الذي تواصل إلى أبعد الحدود مع الفنّانين، و رافقهما في جميع الأغاني المقدّمة، فكانت السهرة، ناجحة فنيّا و جماهيريّا.
كانت سهرة المالوف الأصيل و الموسيقى العربيّة التقليديّة، حاضرة في العرض الذي قدمته فرقة المرخوم «أبو الحسن عريبي» التي تميزت في تقديم نوبات مالوف ليبيّة، هذه الفرقة تسجّل حضورها سنويا في مهرجان تستور الشيء الذي جعلها محلّ اهتمام العديد من الجمهور الذي خيّر كلّ حسب ميوله حضور هذه السهرة التي تميّزت بالإبداع والذوق السليم و البحث في الموروث الثقافي العربي المغاربي.
سهرة الإختتام كانت من نصيب الفنان التونسي «زهير الهاني» الذي قدّم عرضا مرضيا أدّى خلاله وصلات من المالوف التونسي و بعض الأغاني التونسية المعروفة لعديد الفنّانين، كما قدّم بعض من انتاجه الخّاص علاوة عن بعض الأناشيد الدينيّة، وعموما كان العرض مرضيا.
كما في كلّ الدورات ، واجهت الهيئة المديرة لمهرجان تستور الدولي للمالوف العديد من الصعوبات على غرار الميزانية الهزيلة و التي هي عبارة عن 20 ألف دينار تسندها وزارة الإشراف و هي غير قادرة على تأثيث عرض فني راقي واحد في حجم مهرجان عريق مما اضطر المندوبية الجهويّة للثقّافة بتستور الى الرفع من دعمها لهذا المهرجان، و هو ما عبّر عنه مدير المهرجان السيّد محمّد علي الطرابلسي الذي أكّد أنّه و بالرغم من هذا الدعم فإنّ المهرجان ظلّ يتراجع خاصة عند مواجهة جمهور ذوّاق يطمح إلى عروض فنيّة محترفة و رائقة، لكن من جهة أخرى أكّد و أنّه في هذه الدورة كانت جميع الفرق المشاركة محترفة اجتهدت من خلالها الهيئة المديرة لإرضاء جميع الأذواق .