مؤشرات عديدة تقول إن هناك مخاوف قائمة من إمكانية حصول فيضانات ببعض المدن خلال الأسابيع الاولى من فصل الخريف بسبب الأمطار المتوقعة وبسبب انسداد قنوات ومجاري صرف المياه بالفضلات المتراكمة. إضافة إلى مخلفاتها البيئية والصحية الخطيرة التي أضرت وستضر بالمواطنين وبالبيئة والمحيط، فان أزمة تراكم الفضلات بالشوارع والأنهج وعلى جوانب الطرقات الرابطة بين المدن ستكون لها وفق تقديرات الخبراء والملاحظين تأثيرات كارثية خلال الفترة القادمة من حيث تسببها في فيضانات خطيرة ما لم تتحرك السلطات المعنية لتدارك ما يمكن تداركه قبل حصول المكروه.
انسداد البالوعات
منذ أشهر ومختلف مدن البلاد «تئن» تحت اكداس القمامة والفضلات في مشهد غريب لم يتعود عليه التونسيون ودون أن تتضح أسبابه او الأطراف المسؤولة عنه. وأدى ذلك إلى انتشار مختلف انواع الفضلات المنزلية والصناعية و التجارية وفواضل البناء في كل مكان فكثرت المصبات العشوائية في أركان الأنهج والشوارع وفي «البطاحي » المهجورة وحتى في بعض الساحات العمومية وعلى قارعة الطرقات خارج مواطن العمران رغم محاولات البعض التخلص من الفضلات عبر الحرق .. لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، فقد تسرب، بفعل هبوب الرياح وبفعل الانسان، جانب كبير من هذه الفضلات، خاصة الفضلات الصلبة (القوارير والأكياس البلاستيكية وفضلات البناء وغيرها)، إلى داخل مجاري المياه المغطاة و غير المغطاة التي تشق المدن وكذلك إلى داخل بالوعات وقنوات صرف المياه المستعملة ومياه الأمطار. وهذا ما تسبب في سدها وسيتسبب حتما في منعها من القيام بدورها الطبيعي (تصريف المياه) عندما ستنزل أولى أمطار الخريف المعروفة بغزارتها وبسرعة تهاطلها في وقت وجيز بما سيدفع بالمياه إلى السيلان فوق سطح الأرض و تدفقها بالتالي نحو المساكن خاصة بالأماكن المنخفضة.
تحذير
نبهت وزارة التجهيز مؤخرا من خطورة الوضعية البيئية المتردية في العديد من المدن بسبب تراكم الفواضل على ضفاف الأودية وكذلك الأتربة في مجاري المياه بالشوارع والأنهج. وأكدت الوزارة ان ذلك يستوجب تدخل البلديات لتنظيف هذه المجاري وكذلك البالوعات وشبكات تصريف مياه الأمطار الراجعة لها بالنظر حتى تتمكن هذه المنشآت من أداء دورها عند نزول الأمطار.
وأعلنت وزارة التجهيز أنها استعدت من ناحيتها لهذا الخطر المتوقع وقالت انها بادرت الى اتخاذ اجراءات استباقية تمثلت في القيام بالأشغال اللازمة داخل و خارج مناطق العمران. وتقول الوزارة إن مصالحها الفنية لاحظت خلال السنوات الأخيرة تراكم كميات هائلة من الأتربة بالعديد من مجاري الأودية بمختلف مناطق البلاد مما قلص من سعة تدفقها وخروج مياه السيلان عن مساراتها. البلديات متهمة
تتوجه أصابع الاتهام اليوم إلى البلديات بوصفها المتسبب الرئيسي في ازمة الفضلات التي عاشتها ولا تزال تعيشها البلاد إلى اليوم. ويلاحظ جميع المواطنين أن أغلب البلديات أبدت ولازالت تُبدي إلى اليوم تقاعسا وسلبية كبيرين في رفع الفضلات وتبدي من ورائها سلطة الاشراف والحكومة برمتها مماطلة غريبة في معالجة هذا الملف الحساس الذي مرت عليه اليوم عدة أشهر دون ان يهتدي أي كان الى الحلول اللازمة والضرورية . كفى سلبية
يقول خبراء في المجالين البيئي والمناخي أن خطر الفيضانات يهدد اليوم أغلب مدن البلاد و ينذر بوقوع خسائر كارثية في الأرواح وفي الممتلكات الخاصة والعامة، وهو ما عاشته عدة مدن تونسية خلال السنوات الماضية. ويرى المواطن أن البلديات ومن ورائها سلطة الاشراف أي وزارة الداخلية، مطالبة بالتخلي عن السلبية و بتحمل مسؤولياتها كاملة في تنظيف وجهر قنوات ومجاري صرف المياه الممتدة داخل مواطن العمران قبل فوات الاوان و بأن لا تكرر خطأها «التاريخي» المتمثل في عدم رفع الفضلات طيلة الأشهر الماضية.
فموسم أمطار الخريف داهمنا ولم يعد هناك أي متسع من الوقت لمزيد المماطلة والتقاعس وخلق المبررات الواهية التي ملّها المواطن ومنها مثلا تعرض تجهيزات البلديات للتلف والحرق أثناء الثورة أو المشاكل التي تعيشها النيابات الخصوصية. فأحداث الثورة مر عليها حوالي 20 شهرا وكان من المفروض أن يقع تعويض ما أتلف وحرق من تجهيزات لأن الامر يتعلق بمرفق عمومي لا يجب أن تبقى الدولة مكتوفة الايدي أمامه مثلما لا يجب أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام مشكل النيابات الخصوصية. وهذا فضلا عن أن مسألة الاتلاف والحرق هذه لا تهم كل البلديات بل بعضها في حين ان أغلب البلديات لم تلحقها أضرار تذكر على مستوى التجهيزات.