قال الكوميدي الراحل الهادي السملالي لما سأله الدكتور أحمد خالد وزير الثقافة الأسبق في أول فترة حكم بن علي عن حالته الصحية وهو على فراش المرض: «يظهرلي 7 نوفمبر ما والمنيش» ويقصد أن 07 نوفمبر ضاعف من أزمته الصحية لعدم ارتياحه ل«العهد الجديد» وكان الكوميدي وقتها طريح الفراش في منزله بالحي الأولمبي بالعاصمة لما عاده وزير الثقافة لإظهار عناية النظام السابق بالمبدعين وهو تقريبا نفس ما تقوم به الحكومة الحالية بقيادة حزب النهضة الاسلامي في علاقته بالمبدعين الذين يمرون هذه الأيام بأزمات صحية متتالية ربما نتيجة سياسة هذه الحكومة التي ضاعفت كما يبدو من أزمات المبدعين الصحية.
وقد عاد وزير الثقافة الدكتور مهدي مبروك في المدة الأخيرة وفي ظرف وجيز ثلاثة مبدعين يمرّون بأزمات صحية خطيرة هم الهادي القلال ونصرالدين بن مختار وسيلفان مونتوليوني وهو رسام تونسي من أصل إيطالي. أضف اليهم الفنان منصف السويسي الذي يمر بدوره بأزمة صحية.
الحكومة ومرض المبدعين
وإن كنا لا نتهم الحكومة الحالية بقيادة حزب النهضة الاسلامي بأنها سبب مرض هؤلاء المبدعين مثلما قال الكوميدي الراحل الهادي السملالي في نقده وسخريته من النظام السابق حتى أنه قال لوزير الثقافة الأسبق حين سأله عن سنّه بعد أن سأله عن حالته الصحية «لماذا تسألني عن سني، هل تريد تزويجي بابنتك؟» إلا أننا نلوم على الحكومة تقصيرها في حماية المبدعين وحرية الابداع والنقد أساسا. ولا ندري كيف كانت ستتعامل هذه الحكومة مع الكوميدي الراحل لو انتقدها وسخر منها بهذا الشكل؟ كما نلوم على الحكومة صمتها على التجاوزات والاعتداءات المتكررة والمتواصلة على المبدعين، وغضها للطرف عن المجموعات «السلفية» المحسوبة لدى جزء كبير من الرأي العام على حزب النهضة، والتي ما فتئت تشدد الخناق على المبدعين والأنشطة الثقافية سواء بتكفير الفنانين او بتحريم الفن.
قتل المبدعين
إن في صمت الحكومة على التجاوزات والاعتداءات على المبدعين وفي غضها للطرف عمن يقومون بذلك تعكير للوضع العام بالبلاد والوضع الثقافي تحديدا لأن المبدع في مثل هذه الأوضاع لا يستطيع ان يبدع او حتى يعيش مثله مثل بقية المواطنين.
وفي حالة شعوره بالخوف يصبح عاجزا عن الإبداع وإذا شعر بالعجز فإن مآله إما الجنون او المرض او الموت انتحارا أو مرضا. ولا نظن هذا هدف الحكومة.
إن المبدع عندما لا يبدع يصاب بالمرض، ولا نتمنى أن يكون ذلك هو برنامج الحكومة لأن الابداع أقوى بكثير من الحكومة وحتى من المرض والموت فهو خالد أما الحكومات والأنظمة فهي زائلة.