مداخل الشيطان على النفس كثيرة نذكر أهمها: الغضب والشهوة: فإنّ الغضب هو غول العقل، وإذا ضعف جند العقل هجم جند الشيطان ومهما غضب الإِنسان لعب الشيطان به كما يلعب الصبيّ بالكرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إنّ الغضب جمرة توقد في القلب. (أخرجه الترمذي) 2- الغرور: في بعض الأحيان يغترّ الإنسان إمّا بعبادته فيستبيح لنفسه بعض الأشياء التي تبعده عن الله وهو لا يدري، كالذي يبالغ في الخشوع ظنّا منه أنّه أتقى من يوجد في المسجد وينفخ في غروره الشيطان حتى تصبح عبادته فيها رياء وبذلك لا يتقبّلها الله.تأمّل كيف أغوى الشيطان آدم عليه السلام مبيّنا ذلك الله في قوله تعالى {فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوّ مُّبِين} (الأعراف 22) 3- العجب والكبر: الكبر أوّل ذنب عصي الله به، قال تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (البقرة 34) والكبر مدخل من مداخل الشيطان حيث يجعل صاحبه لا يعير اهتماما لنصائح الآخرين ويستهزئ بهم لأنّه يرى نفسه أرفع منهم مستوى فيهوي به الشيطان إلى الرذيلة وفعل المنكرات ويستبيح الحرام على أنّه حلال. يا غافل لا تتكبر عن أوامر الله بإدبارك عن جميع الفرائض التي فرضها الكبير المتعال ظنّا منك أنّه سيغفر لك في الآخرة العزيز الغفار فتكون من الخاسرين. ولا تعجب بما لديك من قوّة أو جاه أو سلطان أو ممّا آتاك الله من فضل حتى لا تكون فريسة للشيطان وتدبر قوله تعالى {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الأنفال 48) 4- التبذير: إيّاك والتبذير فإنّه آفة عظيمة تجعل صاحبها ينسى المنعم ولا يذكر إلاّ النعمة فيكون من أصحاب الشياطين الذين قال فيهم عزّ وجلّ {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (الإسراء 27) 5- البخل وخوف الفقر: فإنّ ذلك هو الذي يمنع الإِنفاق والتصدق ويدعو إلى الادخار والكنز والعذاب الأليم وهو الموعود للمكاثرين كما نطق به القرآن الكريم {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (التوبة 34) وإيّاك والحرص فإنّه أخرج آدم من الجنّة أمكنه الله سبحانه من جنّة عرضها السماوات والأرض يأكل منها إلاّ شجرة واحدة نهاه الله عنها فأكل منها فأخرجه الله تعالى منها ثم قرأ: {قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَر وَمَتَاع إِلَى حِينٍ} (الأعراف 24) فمهما كان العبد حريصاً على كل شيء أعماه حرصه وأصمّه إذ قال صلى الله عليه وسلم: «حبّك لشيء يُعمي ويصمّ». (أخرجه الترمذي) وفي الحديث الصحيح إيّاكم والشحّ فإنّه أهلك من كان قبلكم أحرصهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا. وقال صلى الله عليه وسلّم: واتّقوا الشحّ فإنّ الشحّ أهلك من كان قبلكم حملهم أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم. 6- حبّ التزين من الأثاث والثياب والدار: فإنّ الشيطان إذا رأى ذلك غالباً على قلب الإِنسان باض فيه وفرّخ، فلا يزال يدعوه إلى عمارة الدّار وتزيين سقوفها وحيطانها وتوسيع أبنيتها ويدعوه إلى التزين بالثياب والدواب ويستسخره فيها طول عمره، وإذا أوقعه في ذلك فقد استغنى أن يعود إليه ثانية.قال تعالى {وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} (الزخرف 33) كما أنّ حبّ التزيّن من الأثاث والثياب والدّار يدعو صاحبه الى أن يستحلّ ما حرّم الله من أموال فيبيح لنفسه القرض وغيره من الأساليب المحرّمة... 7- النساء وكثرة الأولاد والموال: قال تعالى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل عمران 14) 8- الطمع في النّاس: لأنّه إذا غلب الطمع على القلب لم يزل الشيطان يحبب إليه التصنع والتزين لمن طمع فيه بأنواع الرياء والتلبيس حتى يعود المطموع فيه كأنه معبوده فلا يزال يتفكر في حيلة للتودد والتحبب إليه ويدخل كل مدخل للوصول إلى ذلك. وأقل أحواله الثناء عليه بما ليس فيه والمداهنة له بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 9- العجلة وترك التثبت في الأمور: قال صلى الله عليه وسلم: العجلة من الشيطان والتأني من الله تعالى.(أخرجه الترمذي) وقال عزّ وجلّ {خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ} (الأنبياء 37). وقال تعالى {وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولا} (الإسراء 11) وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} (طه 114) وهذا لأن الأعمال ينبغي أن تكون بعد التبصرة والمعرفة، والتبصرة تحتاج إلى تأمل وتمهل، والعجلة تمنع من ذلك، وعند الاستعجال يروّج الشيطان شره على الإِنسان من حيث لا يدري. 10- التعصّب للمذاهب والأهواء: قال تعالى {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (الروم 32) فإذا خيل إليه الشيطان أن ذلك هو الحق وكان موافقاً لطبعه غلبت حلاوته على قلبه فاشتغل به بكل همته، وهو بذلك فرحان مسرور يظن أنّه يسعى في الدين وهو ساع في اتباع الشياطين. 11- سوء الظنّ: قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (الحجرات 12) 12- الوسوسة: قال الله تعالى {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى} (طه 120) وقالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلقك؟ فيقول: الله تبارك وتعالى فيقول: من خلق الله؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت بالله ورسوله فإن ذلك يذهب عنه». (متفق عليه) 13- التسويف: قال تعالى {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا} (النساء 120) 14- إيّاكم والحسد: فإنّما قتل ابن آدم أخاه (قابيل قتل هابيل) ثمّ قرأ {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (المائدة 27) وقال صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف على أمّتي أن يكثر فيهم المال فيتحاسدون ويقتتلون». وحتى تحصن نفسك من هذه الأبواب الشيطانية: 1- الاستعاذة بالله من الشيطان الرّجيم: قال تعالى {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} (الأعراف 200) وقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} (الأعراف 201) 2- خالف الهوى. 3- حصن نفسك بآية الكرسي والإخلاص ومعوذتين.