يعيش التونسيون نهاية أسبوع ممطرة تتجاوز فيها الكميات 40 مليمترا وتصل الرياح إلى 60 كلم في الساعة ولقد تعودنا على غرق بلادنا بعد ساعة من نزول الأمطار فماذا عن نزولها على امتداد ثلاثة أيام؟ الرصد الجوي حذر صباح أمس في بلاغ توجه به إلى العموم من تغير الوضع الجوي من أقصى درجات الحرارة إلى نزول كميات هامة من الأمطار انطلقت أمس وتتواصل إلى غاية يوم الإثنين القادم .
وأكد البلاغ أيضا على نزول البرد وهبوب رياح قوية مع اضطراب شديد للبحر. والسؤال الذي يفرض نفسه هل أن الهياكل المعنية بتجنب الفيضانات من بلديات وتجهيز وتطهير على استعداد لهذه الموجة المفاجئة للأمطار؟ لاسيما أنها عامة أي على جميع مناطق البلاد ومتفرقة وقد تتسبب في إغراق العاصمة بالمياه وقطع الطرقات بين المناطق الداخلية وفيضان الأودية.
وزارة التجهيز تستعد وبخصوص وزارة التجهيز أفادت مصادرنا أنه في إطار الإستعداد لموسم الأمطار وتحسبا لما يمكن أن ينجر عنها من سيول وفيضانات ومن أجل توفير شروط السلامة المرورية والحفاظ على البنية الأساسية، بادرت وزارة التجهيز إلى اتخاذ إجراءات استباقية على الصعيدين المركزي والجهوي تمثلت في القيام بالأشغال اللازمة لتعهد الطرقات والمسالك وتفقد جميع المنشآت المائية المركزة على الطرقات سواء كانت داخل مناطق العمران أو خارجها وحصر المنشآت المائية التي ليست في حالة وظيفية مرضية. كما تدخلت الإدارات الجهوية للتجهيز في مختلف الجهات لتنظيف وجهر (Curage) هذه المنشآت المائية ومجاري الأودية العابرة للمدن.
ودعت الوزارة ممثليها في الجهات إلى إشعار السلط الجهوية المعنية بالحالات التي تتطلب التدخل العاجل وإلى التنسيق مع المصالح الجهوية للفلاحة من أجل اتخاذ الإحتياطات اللازمة لتكثيف برامج أشغال المحافظة على المياه والتربة على مستوى أحواض الصب العليا (Les bassins versants) ورفع الترسبات المتراكمة من أوحال وحصى ورمل في مجاري الأودية .
وتكتسي العملية أهمية قصوى في ضوء ما لاحظته المصالح الفنية للتجهيز خلال السنوات الأخيرة من تراكم كميات هامة من الأتربة بالعديد من مجاري الأودية بمختلف مناطق البلاد مما قلص من سعة تدفقها وخروج مياه السيلان (Les eaux de ruissellement) عن مساراتها مما أثر سلبا على شبكة الطرقات والمنشآت المائية من جسور ومعابر وكذلك منظومات حماية المدن من الفيضانات مثلما حدث بولايات زغوان والقيروان وسليانة والمنطقة السفلى لوادي مجردة خلال شهر نوفمبر 2011.
وقررت وزارة التجهيز تعيين فريق قار على مستوى كل ولاية وتمكينه من المعدات الضرورية للتدخل السريع في حالة وقوع فيضانات أو سيول كبيرة وذلك بالتنسيق مع السلط الجهوية.
وفي مجال صيانة منشآت الحماية من الفيضانات والإستعداد لمجابهة أمطار الخريف، تولت إدارة المياه العمرانية بوزارة التجهيز خلال الفترة الممتدة من جانفي إلى موفى جويلية الماضي جهر وتنظيف حوالي 1143 كلم من القنوات بمختلف أحجامها ومجاري الأودية والمجاري الفرعية ذات العلاقة بهذه المنشآت وصيانة وترميم ما يقارب 150 منشأة.
وقد قامت إدارة المياه العمرانية بهذه التدخلات عن طريق الموارد البشرية والمعدات المتوفرة لدى الإدارة في مراكز الصيانة بصفاقس وأريانة ونابل وعن طريق المقاولات ضمن عشر صفقات شملت تونس الكبرى وصفاقس ونابل وولايات جندوبة وباجة وسليانة والقيروان وسوسة وسيدي بوزيد وقفصة والمنستير وزغوان وقابس وتطاوين بالإضافة إلى مدن بنزرت وماطر ونبر .
وسيتواصل التدخل خلال شهر سبتمبر في جل المنشآت ومن المتوقع أن يتم في هذا الإطار جهر وتنظيف حوالي 340 كلم من المنشآت منها 200 كلم بصفة مباشرة عن طريق الموارد البشرية والمعدات التابعة للإدارة والبقية عن طريق المقاولات.
وتنبه الإدارة إلى أن هذا المجهود يبقى غير كاف بالنظر إلى الوضعية البيئية المتردية في العديد من المدن حيث تتراكم الفواضل على ضفاف الأودية وكذلك الأتربة في مجاري المياه بالشوارع والأنهج مما يفرض وجوب تدخل البلديات لتنظيف هذه المجاري بالإضافة إلى البالوعات وشبكات تصريف مياه الأمطار (Réseaux de drainage des eaux pluviales) الراجعة إليها بالنظر حتى تتمكن هذه المنشآت من أداء دورها عند نزول الأمطار.
فوائد الأمطار
لنزول هذه الأمطار في هذا الظرف تحديدا وجه إيجابي ذلك أن لها مكانة هامة في الأجندة الفلاحية فهي تساهم في الترفيع في الكساء النباتي وتنمية المراعي بما يساعد مربيي الماشية على التخفيف من عبء الأعلاف كما توفر مخزونا مائيا هاما يغذي المائدة المائية ويساعد على تغذية الزراعات السقوية وتوفير الري الكافي لأشجار الزيتون. وتوفر هذه الأمطار من جهة أخرى كل الظروف الملائمة للمساعدة على تحقيق الأمن الغذائي خاصة في مستوى إنتاج الحبوب. وتحفز هذه الأمطار الفلاح على التفكير في الإستعداد للموسم القادم بتهيئة الأرض.