الحضور الأهم في قمة عدم الانحياز التي عقدت في طهران كان لمساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق جيفري فيلتمان الذي تحول الى ايران بصفته مستشارا للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. شهدت العاصمة الإيرانيةطهران انعقاد مؤتمر قمة دول عدم الانحياز بحضور رؤساء وممثلين عن مائة وعشرين دولة. وقد اهتم الإعلام العالمي بحضور الرئيس المصري محمد مرسي بعد قطيعة بين البلدين دامت أكثر من ثلاثة عقود، فيما كان هناك حضور آخر أمريكي هذه المرة لم يستنفر وسائل الإعلام، لكنه كان ملفتاً لناحية الشخص وتوقيت الحضور وطريقته . فحضور جيفري فيلتمان إلى طهران ليس أمراً عادياً وفق ما تقول مصادر فرنسية ولأن الأشخاص مثل فيلتمان الذين تولوا مناصب معينة في الإدارة الأمريكية يبقون في خدمة المؤسسة حتى ولو خرجوا منها للعمل في المؤسسات الدولية الخاضعة أصلاً للسياسة الأمريكية. وفي اطار العلاقة «العمودية» بين واشنطن و الأممالمتحدة رأى محللون أن «بان كي مون كان المرافق لفيلتمان و ليس العكس».
فيلتمان وليس مرسي
وقالت مصادر فرنسية إن المسؤولين في العاصمة الفرنسية باريس تفاجأوا بقرار أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون الذهاب إلى العاصمة الإيرانيةطهران لحضور قمة عدم الانحياز. وكانت المفاجأة الأكبر حضور فيلتمان مع كي مون. وتضيف المصادر «أن المفاجأة كانت لأن الفرنسيين وصلهم بلاغ من أمين عام الأممالمتحدة عشية القمة انه لن يذهب الى طهران، وقد حصل هذا خلال اتصال بين كي مون ووزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، أجراه الأخير وأراد الوزير الفرنسي من خلاله الضغط على كي مون لعدم الذهاب إلى طهران.
وجاءت المفاجأة الثالثة للفرنسيين يوم الخميس بعزوف وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن حضور جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بسوريا والتي دعت اليها فرنسا بصفتها الرئيس الحالي للمجلس وترأسها وزير الخارجية الفرنسي شخصياً، وغاب أيضاً عن الجلسة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصرف اعتبرته باريس إفراغاً لمسعاها في مجلس الأمن من محتواه ومن أية قيمة دولية له.
وقال رئيس قسم الشرق الأوسط في معهد العلاقات الدولية والحوارات الخارجية في مدريد براح ميكائيل (فريد)، من جهته إن زيارة جيفري فيلتمان لطهران لا يمكن النظر إليها من وجهة نظر عادية، فهذا النوع من الشخصيات يبقى في خدمة المؤسسة الأمريكية ويعمل وفقاً لتوجهاتها، وفيلتمان لم يكن ليرافق عنان إلى طهران دون ضوء أخضر من باراك أوباما.
ويضيف ميكائيل: «يمكن أن تكون لدى الإدارة الأمريكية نية في التواصل مع طهران في هذه الفترة قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية من أجل تجنب أي تصعيد إيراني في المنطقة للتأثير على نتائج الانتخابات الأمريكية المزمع إجراؤها في نوفمبر المقبل أي بعد شهرين من الآن».
واعتبر ميكائيل: أن أوباما يسعى أيضا من خلال تغطية هذه الزيارة إلى جس النبض الإيراني في حال قررت أمريكا التحرك اتجاه سوريا بعيد الانتخابات الأمريكية أو جس النبض الإيراني حول تسوية عنوانها الملفات التالية (سوريا البحرين النووي الموقف من إسرائيل)» مضيفا أن «أوباما في حال أعيد انتخابه سوف يستمر على نفس السياسة المتبعة حاليا اتجاه سوريا ولن يخوض أية حرب أو تدخل عسكري في هذا البلد مع الاستمرار بالتلويح باستخدام القوة كلما احتاجت السياسة ذلك».
وبالعودة إلى بقية الحضور في المؤتمر ورغم رمزية حضور الرئيس المصري، لا يتوقع أن تلعب مصر أي دور سياسي ريادي في السنوات المقبلة نظراً للوضع الاقتصادي الصعب والرفض الأمريكي لأي دور مصري يكون منافسا للدور التركي السعودي القطري. ألم يغادر مرسي طهران في نفس الوقت مع أمير مشيخة قطر حمد بن خليفة؟
الصورة والمهمة
وخلال تواجده في طهران حضر فيلتمان اجتماعا مع المرشد الايراني علي خامنئي. والصورة تجمع بلقطة واحدة محورين سياسيين متعارضين. لكن قراءة أبعد منها قد تشي بأن هناك رسائل أمريكية أو إشارات تُبعث من تحت الطاولة إلى الخصم الإيراني الأشرس بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة. لاسيما أن فيلتمان معروف بتصريحاته ضد إيران ولعلّ آخرها ما ألمح إليه في مجلس الأمن من اتهامها بتزويد النظام السوري بالسلاح في خرق واضح لحظر بيع الأسلحة لسوريا. وفي هذا السياق، أشارت بعض التسريبات الإعلامية سابقاً، ومنها صحيفة «النهار» اللبنانية، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، إلى أن «جيف الأمريكي» هو من شجع الأمين العام للأمم المتحدة لحضور القمة المنعقدة في طهران على مدى يومين.
أما السبب فقد يكون حرص المسؤولين على أن تكون المفاوضات مع الإيرانيين جدية وصادقة، وبهدف حصر الإنتاج النووي في الاستعمالات غير العسكرية. كما أنه أراد التثبت من حقيقة الدور الإيراني في الأزمة السورية، وطرق التعامل معها ووسائل الدعم التي تقدمها طهران إلى دمشق ودعم محاولة توفير أجواء الانتقال السياسي ووقف العنف والانصراف الى الحوار.