الأمطار كشفت عن معاناة حقيقية لسكان هذه الأحياء، أنهج غير معبدة وتفتقر للربط بقنوات التطهير وطرق محفرة وبرك مائية ترهق السكان وعابري السبيل. يضاف إليها غياب للتنوير العمومي فتغدو غرقا وسط الأوحال وأكداس الفضلات التي سدت مجاري المياه فدخلت المياه المنازل. وبرزت أكثر ما يكون هذه المعاناة في حي النور الذي يعد 30 الف ساكن وهو عمادة في حجم معتمدية ساحلية ولكن تغيب عنه جميع المرافق العمومية. وأحياء أخرى ليست أفضل حالا فلم تنج من الأوحال. تحولنا إلى هذه الأحياء الشعبية وحاورنا المواطن الذي يبقى أكبر متضرر من هذه الحالة كما حاولنا رصد رأي المسؤولين عن التجهيز والتطهير حول الموضوع والحلول المطروحة لمعالجة الوضع.
سكان حي المنشية تحدثوا بنبرة غضب. فليلة السبت الماضية الممطرة كانت بمثابة الكابوس. حيث إرتفع منسوب المياه بجميع الأنهج وأغرقت منازل المتساكنين بالاوحال وسط الظلام.
الحبيب الطيمومي قال: «الوضع هنا لا يحتمل. أحياؤنا تفتقر لأبسط المقومات فلا تنوير عمومي ولا طرق معبدة ولا ترى سوى الحفر والبرك المائية التي غطت الأنهج وفضلات في كل مكان وعائلات معوزة تحتاج لتدخل عاجل وأضاف «أرجوكم بلغوا أصواتنا».
تجمع كبير لعديد المواطنين المطالبين بإبلاغ أصواتهم، حسونة العوني أعياه المرض حتى كاد يذهب بنور بصره تحدث ل»الشروق» قائلا: أقطن منذ سنوات عديدة بهذا الحي وظللت طوال هذه السنوات أمني النفس بتحسن وضعية الحي بصفة عامة لكن دون امل. فشاهد بنفسك الحالة المزرية «نحن نغرق في الأوحال كلما هطلت الأمطار ورغم نداءاتنا المتكررة لا حياة لمن تنادي.
بقية الأحياء بمدينة القيروان لا يختلف حالها عن هذا الحي وهو ما جعل الشاب محمد العياري (حي إبن الجزار) يتحدث بغضب قائلا: «كنا ننتظر أن تتحسن أوضاع أحيائنا بعد الثورة لكنها تأزمت أكثر وجعلت الأمر لا يطاق فالرجاء من المسؤولين سرعة التدخل تجنبا لحالة الإحتقان».
إتصلنا بالمسؤولين في ادارة التجهيز وديوان التطهير وبلدية القيروان لإستجلاء آرائهم في الموضوع والحلول المطروحة. وأكد السيد كمال أم الزين مدير التجهيز أن الأمر خارج عن تغطيتهم ويخص البلدية وحدها موضحا أن التجهيز يختص بالطرقات المرقمة والمسالك والطرقات الخارجية. ونسي ان مشروع الطريق الجهوي9 الذي تعطل هو من تسبب في تحويل المياه نحو الانهج المتفرقة بسبب عدم اكتمال الاشغال إلى جانب الحفر التي مازالت وسط الطريق بسبب بطء الأشغال.
أما رئيس النيابة الخصوصية لسعد القضامي فأشار إلى أنه إطلع على الوضع ويعرف حقيقة الأوضاع في الأحياء الشعبية بالقيروان وأكد أنه سيتم التدخل العاجل في هذه الأحياء باعتمادات مالية بقيمة 20 مليون دينار وسيشمل التدخل مد قنوات التطهير وتعبيد الطرقات والأحياء والأنهج والتنوير العمومي وغيرها.
إتصلنا بالسيد لطفي زخامة مدير ديوان التطهير بالقيروان فأكد عدم وجود شبكة تطهير تغطي جميع الأحياء المذكورة وتتصل بجميع الأنهج المكونة لهذه الأحياء. وأوضح أن شبكة التطهير الموجودة تخص فقط صرف المياه المستعملة وليس صرف مياه الأمطار فالديوان الوطني للتطهير منذ إنبعاثه تمثلت مهمته في جمع المياه المستعملة ومعالجتها وسكبها بالمحيط الطبيعي. وقال إن مياه الأمطار تسبب عديد المشاكل وهي تخص البلدية أو التجهيز وأضاف «رغم ذلك أخذنا على عاتقنا صرف مياه الأمطار خدمة للمواطن. كما أكد أن الشبكة تشتغل في الأيام العادية بصفة منتظمة ولا تظهر المشاكل إلا عند نزول الأمطار نظرا لأن طاقة الإستيعاب تصبح غير قادرة على تصريف مياه الأمطار والمياه المستعملة.