عاجل: من جانفي 2026.. كل طلبات تراخيص الصرف تولي أونلاين إجبارياً!    أكبر معمّرة في تونس.. عمرها 107 سنين وتكرّمت في عيد المسنين    حاتم اللباوي : عرض الشركة لبناء سور مبيت القصرين ب3.8 م د... فلماذا أعلنت الولاية كلفة ب4.4 م د؟    عاجل: إنهاء مهام الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية    اليعقوبي" يمثل اليوم أمام قاضي التحقيق"    المجلس البنكي والمالي : البنوك تفتح أبوابها لكافة المتدخلين في قطاع الزيتون    واشنطن تنشئ مركز قيادة في إسرائيل لتنسيق المهام الأمنية في القطاع    لجنة نوبل تعلن الفائز بجائزة السلام اليوم.. وترامب يترقب نتيجة حملته    اليوم في رادس: نسور قرطاج قدّام امتحان جديد!    بطولة العالم للسباحة بالزعانف: سارة بن أحمد تتوج بالميدالية الذهبية    عاجل : فضيحة رياضية...سبّاحتان في السجن بسبب ''برفان ''...شنوا الحكاية ؟    أمطار مؤقتا رعدية بهذه الجهات بعد الظهر..شوف وين    عاجل: انتداب جديد بالغرفة التجارة والصناعة.. إليك الشروط الكل!    عاجل/ نحو 200 عنصر من القوات الأميركية تصل فلسطين لمراقبة تنفيذ اتفاق إنهاء الحرب..    Ooredoo تونس تتحصل على شهادة ISO 22301:2019 أول مشغّل اتصالات في تونس ينال هذا الاعتراف الدولي في استمرارية الأعمال    الجامعة المركزية و UPSAT تفتتحان مركز البحث التشاركي والابتكار    الميناء البوني بالمهدية... ذاكرة البحر التي تستغيث    بعد تفشي الجريمة.. برلمان البيرو يعزل رئيسة البلاد    الحكومة المغربية: التقطتنا رسالة شباب "جيل زد".. والحوار يحتاج الطرفين    خليل الحية: تسلمنا ضمانات من الوسطاء والإدارة الأمريكية وأكدوا جميعا أن الحرب انتهت    تنظيم ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية من 24 أكتوبر إلى غرّة نوفمبر من وإلى جربة    المغرب.. وثيقة جديدة ل"جيل زد" تدعو لإصلاحات اجتماعية واقتصادية ومكافحة الفساد    رضا الشكندالي: أرقام خلاص الديون «125 بالمائة» غيرمنطقية ولا تستقيم ... والنموّ بين 2.3 و2.6 بالمائة في أفضل الحالات    الجزائر تهزم الصومال وتبلغ المونديال للمرة الخامسة في تاريخها    تدشين محطة فوطوضوئية بمدرسة المهندسين بالمنستير في إطار ابرنامج الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية    عاجل/ حكومة الكيان توافق على قرار انهاء الحرب في غزة..    الجمعة: أمطار رعدية بهذه الجهات    زلزال بقوة 7.4 درجات جنوبي الفلبين.. "    المنتخبات المتأهلة لكأس العالم 2026    توزر : تكريم الكاتب الشّاذلي السّاكر في افتتاح الذكرى 91 لوفاة الشاعر أبي القاسم الشابي    شارع القناص... فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي.. أمنيات العودة... صحوة «مسرح القبّة»... تلقيح ضدّ سادية السياسيين وشفاء التلفزت من لوثة «البوز»!    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    أخطار التنازع والاختلاف على وحدة المسلمين    خطبة الجمعة: أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة    حالة الطقس هذه الليلة..    عاجل/ في عملية واحدة: الإطاحة ب 12 مروّج مخدّرات بهذه الولاية..    المنتخب الجزائري يتأهل لكأس العالم 2026    نتائج مشاركة تونس في أكبر معرض دولي للأغذية والمشروبات..#خبر_عاجل    الرقبي السباعي: المنتخب التونسي للفتيات يشارك من 10 الى 12 اكتوبر في دورة سافاري الدولية بكينيا    عاجل/ بالأرقام: البنك الدولي يتوقّع تراجع عجز الميزانية ونسب التضخّم في تونس    وزارة الصحة تدعو الراغبين في بعث مراكز لتصفية الدم بنابل إلى اختيار إحدى الأماكن الشاغرة قبل 23 أكتوبر الجاري    عاجل/ إيقاف 6 قُصّر بشُبهة المشاركة في معركة أستُعملت فيها أسلحة بيضاء    يوم 15 أكتوبر آخر أجل للترشح للخطة مدير فني لمهرجان أيّام قرطاج الموسيقيّة في دورته الحادية عشرة    خطير على صحتك: ماكلة ما لزمش تحطها في ''الفريجيدار''...خطر صافي    بعد الأربعين.. هاذي أسباب النوم المتقطع..حاجات ماكش متوقعها    سرّ خطير: شنيا تعرف على الروز الأبيض..كان كثرت منو؟    5 أفلام تونسية في الدورة 47 لمهرجان "سينيماد" في مونبلييه    قافلة صحية متعددة الاختصاصات يوم الاحد 12 أكتوبر بالمدرسة الاعدادية حي الشباب بمعتمدية دوار هيشر    تصفيات مونديال 2026 (ساوتومي وبرانسيب-تونس) مباراة بشعار الفوز والاقناع    وزارة التربية تفتح باب التسجيل أمام المترشحين لاجتياز امتحان الباكالوريا دورة 2026    المجمع المهني للغلال يعد برنامجا ترويجيا داخليا وخارجيا لموسم الرمان    ..هكذا ستكون الأسعار: نوعان من التلقيح ضد الانفلونزا وهذا موعد انطلاق التطعيم    عدد خاص وكتاب فنّي ومعرض في باريس: احتفاء فرنسي بالفنان التشكيلي لسعد المطوي    عاجل: إيقاف لسعد اليعقوبي ...وهذه هي الأسباب    ولاية نابل تحتضن الدورة السادسة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة "بعيونهنّ" من 11 إلى 15 أكتوبر 2025    شنوة السر باش تكون الدار عامرة بالبركة والخير؟    وفاة أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر    عاجل : أغنية تضع الفنان محمد رمضان في مأزق قضائي ...تفاصيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيوننا الأخرى : هل أخفت شجرة درويش غابة الشعر الفلسطيني ؟
نشر في الشروق يوم 13 - 09 - 2012

أشرنا، في الأسبوع السابق، الى أن المثقّفين الفلسطينيّين قد أخذوا يعيدون النظر في مشهدهم الشعريّ، ويسلّطون الضوء على بعض الأصوات التي « خفتت « في ظلّ هيمنة درويش الشعريّة، وسطوته السياسيّة..أصوات لا تقلّ قيمة عن الشاعر الراحل، ولا تقلّ جرأة وابداعا لكنها ظلّت مغيّبة أو ربّما مستبعدة عن وعي عامد.

ولاحظنا أنّ فلسطين كانت حاضرة في هذه الأصوات لكن في شكل صور غائمة، غامضة، وفي هيئة ألوان وأصوات باهتة.. لقد تحوّلت، أقصد فلسطين، الى خيط في نسيج القصيد المعقّد..حتّى لا تكاد تظهر أوتبين. ومن أهمّ الشعراء الذين مثّلوا هذه النبرة الخافتة طه محمد علي..

وقلنا انّ قلّة قليلة من المثقّفين ،خارج فلسطين، قد سمعت بهذا الاسم أوقرأت قصائد هذا الشاعر.. مع أنّ طه محمد علي شاعر ذائع الصيت في الولايات المتحدة وأوربا قرأ في أهمّ الجامعات العالميّة ،وترجمت قصائده الى أكثر من عشر لغات، واعتبر واحدا من أفضل مائة شاعر في القرن العشرين..هذا الشاعر الذي «حرّر الشعر الفلسطينيّ من شبح درويش»، حسب عبارة الشاعر الفلسطيني مازن معروف، قد عاش ومات في صمت .

ولد هذا الشاعر في قرية صفورية وهي احدى قرى الجليل التي دمّرها الكيان الصهيوني وشرّد أهلها وحوّلهم الى لاجئين في بلاد عربيّة كثيرة..انتقلت أسرته، بعد الاحتلال الاسرائيلي، الى لبنان لتستقرّ في أحد المخيّمات لكنّها سرعان ما عادت الى الناصرة لتسكن على تخوم المدينة قريبا من صفورية، ترقب من بعيد بساتينها وأطلال منازلها.. كان الخروج من هذه القرية هو الجرح الغائر الذي ظلّ ينزف في كلّ قصائد طه من غير أن يتمكّن من تضميده أو نسيانه..لم ينس الشاعر، لحظة خروجه، الحرائق التي كانت تلتهم الأشجار والبيوت وتراث والده، ولم ينس الرحلة الى لبنان وزخات الرصاص الاسرائيلي تطارد أسرته.. ولم ينس مغامرة العودة الى الناصرة ّوهويقطع الأودية ويصعد الجبال لمخاتلة العدوّ الاسرائيليّ.. كلّ هذه الأحداث التي وشمت ذاكرة الشاعر تحوّلت في قصائده الى صور ورموز وأقنعة.. يقول طه: «انّي أكتب عن الطفولة ومدارج الصبا وصفورية..صفورية التراب الذي لامس جسدي.. فهذه القرية هي التي صنعت مني شاعرا..».

لم يتمكن طه بعد هذه السنوات المضطربة من الالتحاق بمقاعد الدراسة فاختار دكّانا قرب كنيسة البشارة في مدينة الناصرة واشتغل ببيع التحف والصور التذكارية. قال الشاعر قبل وفاته بقليل» من خمسينات القرن الماضي وحتى الآن وأنا موجود في مدرسة (وهو يعني الدكان الذي يشتغل فيه) لن أخرج منها الاّ للقبر..لا تمرّ فترة دون أن أكتسب شيئا من اللغتين العربيّة والأنقليزيّة...ومكتبتي تتكوّن من أعمال كتبت بهاتين اللغتين.. فمثلما أحفظ قصيدة كاملة لامرئ القيس أو للمتنبّي فأنا أحفظ قصيدة كاملة للشاعر الأنقليزي كريستوفر مارلو...» ويضيف «عندما كنت في سنّ الثامنة قرأت ألف ليلة وعنترة وتغريبة بني هلال.. انّ المحلّ الذي أشتغل فيه ساعدني كثيرا على المطالعة..فالسيّاح يأتون على فترات متقطّعة».

كتب طه قصيدة النثر دون أن يكلّف نفسه مؤونة البحث عن سند فنّي أوفكريّ يعضده ويزكّيها .. ربما كتبها بتأثير مباشر من الشعر الأنقليزي الذي يقبل على قراءته بحبّ وشغف كبيرين، أو ربّما كتبها بتأثير من شعراء قصيدة النثر العرب وبتأثير من الماغوط على وجه الخصوص، لكن هذا لا يعني أن الشاعر قد استنسخ التجارب التي اطلع عليها..كلاّ..فطه حفر طريقه في أرض الشعر كما يحفر النهر مجراه دون محاذاة أو محاكاة أو تقليد.. فكلّ من يقرأ قصائد طه يلحظ أنّ قصيدة النثر التي كتبها قصيدة مختلفة عن القصائد التي عرفها ..قصيدة حديثة متطوّرة تنمّ كما قال أحد الشعراء عن «ثقافة شعريّة عالية، ومشغولة، في الوقت ذاته، بأداء عفويّ كأنّما هو عفو الخاطر»، قصيدة «عذبة، طفوليّة، مجروحة» تقول المعنى الأكثر في اللفظ الأقلّ...

يقول في قصيدته «تحذير!» : الى هواة الصيد/ وشُداة القنص!/ لا تصوِّبوا غدّاراتكم/ الى فرحي!/ فهولا يساوي ثمن الخرطوشة/ (تُبدَّد باتجاهه!)/ فما ترونه:/ أنيقاً وسريعاً/ كغزال/ ويفرّ في كل اتجاه/ كديك حجل/ ليس فرحاً!/ صدقوني:/ فرحي/ لا علاقة له بالفرح.

وبقول في قصيدته «حلم»: فيما مضى / كنت أرى في الحلم /أنّك راحلة /فيخنقني الأسى /ولأنّ ذلك كان حلما / كنت أستيقظ وأفرح / ويملأ القمح الظهيرة / وأنت كنت الأسى وأنت كنت الفرح / أمّا الآن فانّني أحلم أنّك قادمة/ فأفرح/وأستيقظ لأدرك أنّ ذلك كان حلما /فيخنقني الأسى/ ويملأ الشوق الغسق..
توفي مجنون صفوريّة بعيدا عن الأرض التي أحبّ في 2 أكتوبر 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.