مازالت صور مشاهد الأمطار الطوفانية التي اجتاحت مدينة قصور الساف بداية الخريف الماضي، محفورة في ذاكرة الأهالي باعتبار أنّ وقعها كان شديدا ومخلفاتها ظلت شاهدة على حجم الكارثة التي حلّت بالمدينة والتي لم تسلم منها المحاصيل الفلاحية التي أتلف أغلبها. كما كانت تأثيراتها بالغة في الحيوانات التي نفقت نحبها جراء سيلان الأمطار، بالإضافة إلى ما خلفته من خسائر فادحة في البنى التحتية والطرقات وما تسببت فيه من عزل للمدينة، وهدم لبعض المنازل وتشريد متساكنيها. ومع نزول الغيث النافع في الآونة الأخيرة برزت من جديد في المدينة نفس المشاكل ونفس النقائص التي كشفت عن فشل شبكات التصريف في استيعاب كميات المياه التي تحولت إلى بحيرات وسيول جارفة من الأغصان والأتربة أعاقت حركة السير في جميع أحياء المدينة والطرق الرئيسية على حدّ سواء، وفضحت عيوب الطرقات وشبكة تصريف المياه خاصة وسط المدينة وفي شارع البيئة وشارع الطيب المهيري وشارع فرحات حشاد وطريق سلقطة، وقد بان بالكاشف أنّ الجهات المسؤولة لم تتحسّب كما ينبغي لنزول الأمطار هذا الموسم، ولم تأخذ مسألة العناية بقنوات التطهير على محمل الجد رغم جهود لجنة اليقظة والمتابعة بمركز ولاية المهدية وهو ما قد يوحي بإعادة سيناريو لا يتمنّاه أبناء هذه المدينة المعروفة بكونها مطوّقة بحزام يحميها من الفيضانات فشل هو الآخر في استيعاب كميات هائلة من المياه بسبب عدم جهره وتنظيفه ، وافتقاره للصيانة اللازمة. الاستعدادات لموسم الأمطار تتطلب تضافر الجهود بين جميع السلط المتدخّلة لتجنب الوقوع في نفس الأخطاء منذ الآن، والبحث عن حلول دائمة توفر السلامة للمواطن وللمدينة خصوصا وقد انتشر البناء الفوضوي في كل مكان حتى في المناطق الفلاحية، والمناطق الممنوع البناء فيها، ومناطق الفيضانات ومجاري المياه؟