لا يخلو المستشفى الجهوي بالكاف من نقائص تراكمت مند تاريخ تأسيسه الذي مضت عليه عقود ويبدو في نظر بعضهم أنه يسير على غير العادة مقارنة بأمثاله في مناطق أخرى، سيما أن خدماته رديئة كما أنه يشكو نقصا في الاطار الطبي. يقول السيد عمار العبيدي: «اجبرت مؤخرا على حمل والدي المسن الى قسم الاستعجالي لما شعر ذات يوم بأوجاع على مستوى الاذن فكان ان اذن طبيب الحراسة بحقنه للتغلب على الالام مع وجوب زيارة الطبيب المختص بالعيادة الخارجية في اليوم الموالي وهو ما قمت به لكن الطبيب لم يحضر فما كان من ممرض القسم الا اعطائي موعدا للعودة بعد شهرين قائلا بالحرف الواحد .. ليس لدينا طبيب قار مند شهر رمضان الماضي والزيارات قلت داخل القسم لما احس المختص الوحيد بتعب شديد جراء عمله هذا لكن مرة اخرى وللحد من الآلام التي لازمت ابي عدت مجددا الى نفس العيادة وطال انتظاري من الساعة السابعة صباحا حتى الحادية عشرة وهذه المرة حضر الطبيب وسلمنا قائمة في الادوية الضرورية لشرائها من الصيدلية».
حالات مزرية تلك التي أطلعنا عليها عند زيارتنا لقسم أمراض الأنف والأذن والحنجرة حيث يقول الهادي الكشطي أصيل منطقة الزوارين من معتمدية الدهماني: « قدمت صحبة أخي إلى المستشفى منذ السادسة والنصف صباحا وانتظرنا وصول الطبيب الى حدود الحادية عشرة فأتساءل كيف له أن يفحص حوالي 20 مريضا في وقت ضيق للغاية ولأني أعمل منذ عديد السنوات بمدينة صفاقس فإني اندهشت للوضع الذي مازال سائدا هنا وبكل صراحة فإني لا أجد مبررا لنقص الخدمات الإدارية بجهة الكاف رغم مرور أكثر من 20 شهرا على اندلاع ثورة 14 جانفي».
من جهته قال محمد الأمين الخميري وهو موظف « إن أطباء الاختصاص ليسوا موجودين بالعدد الكافي وندد بنوعية الخدمات المسداة بالقسم الاستعجالي والتي يعتبرها دون المستوى المطلوب حتى لا يتم وصفها بالرديئة ...كما طالب بإيجاد الحلول الكافية للتغلب على مشكلة الاكتظاظ الدائم داخل كل العيادات الخارجية».
أجهزة لا تصلح إلا للديكور تقول الدكتورة هزار الأبيض: «بصفتي طبيبة أسنان بهذا المكان منذ 7 سنوات أقوم يوميا بمداواة حوالي 20 مريضا في ظروف لا تشجع أصلا على تعاطي المهنة في ظل المعاناة التي ما انفكت تؤثر سلبا على أدائنا ومعنوياتنا إضافة إلى ما يشوب العلاقة مع الوافدين على العيادة وهم الذين لا يتفهمون حقيقة متاعبنا الناتجة عن النقص الفادح في الأدوية حيث نجد صعوبة كبيرة في الحصول على احتياجاتنا السنوية لأسباب نجهلها كما أن الماء الذي يعد المادة الأساسية في عملنا غير متوفر بالحنفيات . كما أن غياب معدات التكييف ولد ظروفا قاسية داخل قاعة الفحص التي نستعملها أيضا لتعقيم الأجهزة وهي كلها حالات لازمتنا رغم إرادتنا وغالبا ما أدت إلى تشنج الأعصاب ووصل الأمر ببعضهم إلى حد تهديدنا بما لا تحمد عقباه في هذا الإطار مازلنا نتذكر أكثر من حادثة واعتداء جسدي ضد عناصر من الإطار الطبي وشبه الطبي».
غرائب ومفارقات عجيبة تلك التي تأكدنا منها بأم أعيننا بعدما تفضلت بذكرها إحدى الممرضات بالعيادة الخارجية لأمراض الأسنان في شأن بعض التجهيزات المعتمدة حاليا وهي نفسها منذ سنة 1991 كما أن الجهاز الموجود داخل قسم الأشعة لا يصلح إلا للديكور أما عن بقية المعدات فالحديث قد يطول فجهاز الأشعة لم يشتغل لحظة واحدة منذ تاريخ جلبه إلى المستشفى لما فتح قسم طب الأسنان أبوابه للعموم وهو ما يمثل لغزا يصعب التعامل مع متطلباته في ظل حاجة المرضى إلى الانتفاع بخدماته.
مذكرة لتوحيد الرؤى دون جدوى
بين النظري والتطبيقي يبقى الفرق شاسعا ولا مجال أيضا للمقارنة بينهما في ظل عدم تطابق المطلوب مع الموجود ويظل التساؤل منحصرا في عديد النقاط لعل أقربها إلى الذهن ما يتعلق بدور الإدارة المسؤولة على وجوب احترام التراتيب الجاري بها العمل ونقصد بإدارة المصالح المتواجدة بمركز الولاية على مقربة من المستشفى الجهوي بالكاف في المقام الأول ثم يأتي دور إدارة التفقد على الصعيد المركزي والتي لا نخالها تجهل مقومات حفظ الأدوية وتخزينها حسب «نواميس» ومقتضيات مضبوطة حسب ما تمليه التعليمات في كامل أرجاء البلاد على غرار ما تنص عليه مذكرة حديثة العهد وهي المتعلقة بالسعي إلى تبريد قاعات الانتظار والعيادات والإقامة قدر المستطاع إضافة إلى توفير الحنفيات المائية بالعدد الكافي مع الإشارة إلى أماكنها بصفة واضحة.
كما يجب التفكير في المخازن والصيدليات التي تحفظ بها الأدوية اجتنابا للأضرار الناجمة عن درجات الحرارة التي قد تؤثر أيما تأثير على تركيبتها الكيماوية ؟ فإلى متى سيتواصل الوضع على حاله ؟ومتى يتم استغلال الأجهزة والمعدات الموضوعة على ذمة الإطار الطبي وشبه الطبي في أحسن الظروف وتبعا للتقنيات المعتمدة في الاختصاص؟